سجلت السنة التي ودعناها حصيلة فادحة، وثقيلة من الفضائح التي توالت بسرعة ووثيرة قياسية جعلت الرأي العام عاجزا عن ملاحقة إيقاعها.
فضائح توزعت بين عدة عناوين، ونجحت في حجب الاهتمام عن قضايا بعينها وتسليط الضوء على أخرى لتبقى الحكومة أكبر مستفيد منها، مادام طوفان الفضائح الذي داهمنا قد ساعدها في الخروج من ورطات كثيرة، ومواقف صعبة، اعتمادا على خدمة “إلهاء” قد لا تكون عفوية بالضرورة.
اليوم أصبحنا أمام عرض وطلب متفاقم، وجوع شديد للفضائحية التي تؤكد أننا مجتمع حافل بالأمراض، وأننا نفضل أن نمدد زمن المشاكل والأزمات المستفحلة عبر جرعات زائدة من “أفيون” الفضائح.
هذا التركيز على الفضائح حد الإدمان، يتم للأسف على حساب الشروخ الكثيرة التي صرنا نعاني منها مجتمعيا أمام تفاقم نسب الطلاق، ووصول مستويات العنوسة الى أرقام قياسية، وتفاقم معدلات الانتحار، والعنف، والإدمان على المخدرات، واتساع رقعة الأمراض النفسية، وتفشي مظاهر الإحباط واليأس التي تغذيها أعطاب السياسات العمومية، كما يؤججها العجز الحكومي والعبث السياسي.
لطالما تعاملت الحكومة مع الأرقام التي تدق ناقوس الخطر من العلل التي يشكو منها المجتمع المغربي إما باستخفاف كبير، أو تجاهل مطلق، ومنها تلك المرتبطة بنسبة تفشي الأمراض النفسية التي نجحت في حصد أزيد من نصف الشعب، كما استخفت بنسب تفشي الإدمان والعنف والطلاق خاصة بعد جائحة كورونا ، وهو إهمال خطير سنحصد نتائجه من خلال سلوكات تتخذ شكل جرائم مروعة ووحشية وشاذة، وهو ما بدأنا بالفعل في معاينته، وبمنحى تصاعدي خلال السنوات القليلة الماضية.
واقع يؤكد وجود شروخ مجتمعية تتسع، و يتعين المبادرة للحمها بانفتاح السياسي على أهل الاختصاص، لكنه ترف لن نصل إليه .
لقد دفع المغاربة في سنوات الثمانينات كلفة باهظة لسياسة التقويم الهيكلي بأن سحقت الطبقة المتوسطة وغرق ما دونها في الفقر المدقع، وآلان سيدفع المغاربة مجتمعين ثمن هذه العبث، وثمن السياسات المنفصلة عن حركية المجتمع ، ومطالبه، وأمراضه.