يواجه نظام المقاول الذاتي في المغرب مشاكل متزايدة، حيث أصبحت حسابات بنكية مرتبطة به محور جدل كبير بسبب تلاعبات طالتها، تنضاف الى مجموعة من “الاخفاقات” التي يشهدها هذا النظام، فضلا عن الانتقادات الاخيرة التي وجهت اليه جراء التعديلات الضريبية التي اقترحتها الحكومة في مشروع قانونه مالية 2025.
وكشفت مصادر مطلعة أن بعض البنوك المغربية اتخذت إجراءات احترازية بتجميد السحب على المكشوف ورفض إصدار دفاتر شيكات جديدة لـ”مقاولين ذاتيين”، بعد تزايد شكايات من استغلال حساباتهم في معاملات مالية غير قانونية.
وبحسب ذات المصادر فإن شركات في قطاع البناء، خاصة في المناطق القروية، استغلت عمال “عطاشة” من خلال تسجيلهم كمقاولين ذاتيين، وعبر تقديم وعود زائفة بتسهيلات مالية. بعدها يتم استخدام حساباتهم لتحريك الأموال وشيكاتهم كضمانات غير قانونية لتسوية فواتير ومطالبات مالية، مما أدى إلى تضخم المشكلات البنكية المرتبطة بالنظام.
ويواجه المقاولون الذاتيون من الاساس، صعوبات كبيرة في الوصول إلى التمويلات البنكية، فضلا عن قلة الفرص في المشاركة في الصفقات العمومية، لتنضاف اليها التلاعبات المالية باسمهم، ما يزيد من عزلتهم الاقتصادية.
بالمقابل، عززت معطيات بنك المغرب هذه الصورة القاتمة، إذ أظهرت أن 85% من حالات رفض الشيكات تعود إلى حسابات لمقاولين ذاتيين، حيث فاق عدد الشيكات المرفوضة 800 الف شيك خلال السنة الماضية.
من جهة أخرى، اظهرت بيانات المديرية العامة للضرائب تراجعا ملحوظا في عدد المنخرطين الجدد في النظام، حيث انخفضت النسبة من 104,529 شخصا سنة 2021 إلى 61,160 شخصا سنة 2023، مما يشير إلى أن النظام بات أقل جاذبية بسبب المشاكل التي تعتريه والقيود الضريبية والمالية التي تفرضها الحكومة.
ويرى مراقبون أن النظام، بدلا من أن يكون أداة لتمكين الشباب والمساهمة في تقليص البطالة، أصبح يفتقر إلى الحماية اللازمة للمقاولين الذاتيين، خاصة مع بروز ظاهرة “التوظيف الوهمي”، اذ تُشجع بعض الشركات موظفيها على الانضمام إلى النظام بهدف تقليص التكاليف التشغيلية والالتفاف على الالتزامات الاجتماعية، ما يفاقم الأعباء على المقاولين ويضعف الحماية الاجتماعية للعاملين.