بعد المراجعات التي شملت المسطرتين المدنية والجنائية، بالإضافة إلى الشروع في إدخال تعديلات على مدونة الأسرة، أكدت مصادر مطلعة لـ “نيشان” أن الحكومة بصدد التحضير لمشروع قانون جديد يتناول تعديل قانون الالتزامات والعقود. هذا المشروع، الذي يترقب الجميع صدوره، يأتي في إطار سلسلة من الإصلاحات التشريعية الكبرى التي يسعى المغرب إلى إقرارها لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع.
ووفقًا للمصادر نفسها، فإن الهدف من هذا التعديل هو تحديث المنظومة القانونية المغربية بما يتلاءم مع التغيرات الحاصلة على الساحة الوطنية والدولية، بما يضمن تحقيق العدالة وتيسير المعاملات التجارية والمدنية.
وكان قانون الالتزامات والعقود قد خضع في السنوات الأخيرة لعدة تعديلات محدودة شملت مواد بعينها، ولكن دون أن يمتد ذلك إلى إجراء تغييرات جوهرية أو إعادة صياغة بعض المبادئ الأساسية التي يتأسس عليها القانون.
وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أن مشروع تعديل قانون الالتزامات والعقود سيكون ذا تأثير بالغ على قطاعات واسعة، خاصة في مجالات التجارة والمقاولات، حيث يتداخل هذا القانون مع مصالح أرباب الأعمال والصناعيين، فضلاً عن المقاولين والمستثمرين المحليين والدوليين. ومن المتوقع أن يتضمن التعديل الجديد تغييرات جذرية تتعلق بكيفية تنظيم العقود التجارية والمدنية، بما يواكب أفضل الممارسات القانونية الدولية ويعزز من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
من جهة أخرى، وفي ظل هذه التحولات التشريعية المنتظرة، تواجه وزارة العدل جملة من الإكراهات التي قد تعرقل تنفيذ التعديل المرتقب، حيث تخشى الوزارة من المساس ببعض نصوص القانون الحالي، التي قد تثير جدلاً واسعًا في صفوف العديد من الأطراف المعنية. وفي هذا الصدد، تضيف المصادر أن الوزارة تعتزم إجراء مشاورات موسعة مع المحامين وكافة المتدخلين في هذا المجال، وذلك لضمان توافق جميع الأطراف على التعديلات المقترحة وتفادي الأزمات القانونية التي قد نشبت بسبب بعض مشاريع القوانين السابقة.
وفي إطار هذه التحركات الحكومية، وجهت النائبة زينة ادحلي، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار، سؤالًا شفويًا إلى وزير العدل، تطالب فيه بتوضيح أسباب تأخر سن مشروع قانون جديد للالتزامات والعقود، الذي يعتبر “أبو القوانين” في المغرب.
وأضافت النائبة في سؤالها، أن هذا القانون الذي تم اعتماده منذ عام 1913 بات لا يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، مشيرة إلى أن بعض فصوله أصبحت غير ملائمة للمستجدات القانونية المحلية والدولية. كما طالبت بضرورة التعجيل بتحديثه بما يواكب التطورات الحديثة في الساحة القانونية، ويضمن تعزيز استقرار النظام القضائي وحماية الحقوق المدنية والتجارية.
ويبدو أن الحكومة، وفي ظل تزايد المطالب بإصلاح شامل لقانون الالتزامات والعقود، باتت أمام تحديات حقيقية في تحريك وحلحلة هذا المشروع على أرض الواقع. إذ أن التعديل المرتقب يكتسي أهمية خاصة في ظل الظرفية الحالية التي تتطلب تحديثًا شاملًا للنصوص القانونية بما يساهم في تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات، إلى جانب حماية حقوق المواطنين وتعزيز النزاهة القضائية، لاسيما في ظل استعداد المغرب لاستضافة كاس العالم وما يتطلبه ذلك من تطوير للبنية التحتية القانونية والاقتصادية.