لازال عدد من ضحايا الأراضي السلالية “ولاد سبيطة ” ينتظرون، ومنذ سنوات إنصافهم بعد أن انتزعت منهم مئات الهكتارات عبارة عن غابة، لفائدة شركة الضحى مقابل خمسين درهما للمتر المربع تحت ذريعة المنفعة العامة.
جاء ذلك من أجل انجاز المئات من الوحدات السكنية الفاخرة، والفيلات، وملعب للغولف ومشاريع تجارية بمحاذاة الساحل ببوقنادل ضواحي سلا.
الأراضي تحولت لشقق فاخرة يتجاوز ثمنها ربع مليار سنتيم، أقيمت بشاطئ الأمم وسط جدل كبير واحتجاجات رافقت هذا المشروع.
يذكر أن العقار ذاته يحمل سوابق تكشف الأطماع التي كانت تحوم حوله.
ففي سنة 2006 تقدم صندوق استثماري يوجد مقره الرئيسي بالبحرين بمشروع ضخم لإحداث مدينة سياحية بمحاذاة شاطئ الأمم بطريق القنيطرة، وفق تصور مندمج يحفظ للمنطقة شكلها ويمنحها المزيد من الجاذبية.
السطو على المشروع
هذا المشروع نوقش وبشكل مستفيض بين الرئيس المدير العام للشركة، ومسؤول بارز بالعاصمة الرباط خلال لقاءات متعددة عقدت بمكتبه، وتم فيها التطرق لأدق التفاصيل المرتبطة بطبيعة المشاريع التي سيتم إنشائها، والتي ستتيح لمدينة سلا التوفر على رئة اقتصادية من خلال منتجعات وفنادق وفضاءات للتسوق، ليحظى المشروع الذي رصدت له مئات الملايين من الدولارات بالموافقة الأولية، وذلك بتمكين الشركة من عقار يمتد على مئات الهكتارات بسعر تفضيلي مقابل الحصول على مشروع استثماري ضخم .
ذات المصادر كشفت أن الشركة ومباشرة بعد ذلك أعدت جميع التفاصيل التقنية، وشرعت بالفعل في الاستعداد لتفعيل المشاريع على الأرض، بعد أن وجهت طلبا لتسهيل الحصول على التراخيص اللازمة قبل أن تكتشف لاحقا أن البساط سحب منها بشكل مفاجئ، وأن نفس الهواتف التي كانت تسارع للرد والترحيب قد أصبحت بكماء وصماء، بعد أن تنبهت لوبيات نافدة للعقار الذي أسال لعابها لتقرر أنها أولى به، وأن لا شيء سيقف في وجه ذلك.
تدمير الغابة
مسؤولوا الشركة وجهوا عدة مراسلات بالفاكس، وهي المراسلات التي وجدت طريقها للإتلاف، قبل أن يوجهوا رسالة رسمية لذات المسؤول تطالب برد صريح وواضح حول حقيقة ما يجري في ملفهم، لكن هذه الرسالة بدورها لم تجد أي تفاعل، قبل أن يتضح لاحقا أن هواتف من العيار الثقيل تحركت من أجل تحريف مسار المشروع، وهو ما تأكد بشكل رسمي بعد الشروع في نزع 367 هكتارا من أراضي الجماعة السلالية لصالح شركة الضحى عبر ذراعها “بريستيجيا”، بدعوى أن الأمر يتعلق بمشروع ملكي لتتمكن هذه الأخيرة من الاستيلاء على مئات الهكتارات وبأثمنة بخسة بهدف إقامة ما قيل انه مشروع سياحي، قبل أن يكتشف الجميع أن الأمر يتعلق بمشروع عقاري قام بتدمير غابة بأكملها، واجتث مئات الأشجار التي كانت بمثابة متنفس بيئي للمنطقة.
ذات المسؤول الذي مرر العملية أسر لبعض المقربين منه أن واجه محنة شديدة كادت تعصف به، بعد أن أرغم على التنكر لمن سلمهم موافقة مبدئية دون أن يستطيع مواجهتهم بأي مبرر، وذلك بالنظر لطبيعة الضغوط التي مورست عليه من أجل انتزاع العقار من يد استثمار خارجي كان سيخلق رواجا اقتصاديا يعود بالنفع على المدينة، ليعيد وضعه لقمة سائغة في فم شركة محظوظة تسلمت المتر المربع بسعر يصيب بالذهول، حيث لم يتجاوز الثمن 45 درهما للمتر لتقوم لاحقا ببيعه ب4000 درهم .
فقراء وهراوة
وعوض أن تنبت مدينة سياحية تحول المكان إلى مسرح لاحتجاجات أفراد قبيلة اولاد سبيطة الذين استنكروا تقديمهم قرابين باسم مشاريع مهدت لها السلطة بزرع الرعب والخوف وسط السكان، تارة باسم ملك البلاد وتارة باستعراض يدها الطويلة أمامهم لتسلمهم مقابل كل متر دراهم لا تكفي لشراء علبة سجائر..
احتجاجات الضحايا أصابت المشروع بلعنة لازالت تحاصره إلى اليوم بعد أن فقد جاذبيته.. وصارت معظم مبانيه مهجورة .