فكرة تأسيس مدينة تامسنا التي دشنها الملك محمد السادس سنة 2007، على مساحة 840 هكتار جاءت لامتصاص الضغط العمراني، على العاصمة ومحيطها، وخلق تجمع سكني يصلح كنواة لمدينة مستقبلية وفق فلسفة جديدة، بكلفة مالية تصل إلى 23 مليار درهم.
كما أن تدشين مدينة تامسنا، رافقته هالة إعلامية كبيرة، لا سيما و أن هذا النوع من التجمعات السكانية كان مقدمة لتعميم هذه التجربة بمناطق أخرى، وهو ما شكل عامل جذب للراغبين في امتلاك سكن جديد وفق شروط مقبولة، وبأثمنة تنافسية، وفي فضاء يزاوج بين متطلبات السكن العصري، وجاذبية المحيط البدوي.
أسست مدينة تامسنا لاستقطاب ساكنة تصل إلى 250 ألف نسمة عند نهاية تشييدها، ، وفق الوثائق المتوفرة عن هذه المدينة.
لكن بعد مرور ثلاث سنوات من انطلاقة المشروع، تبخرت أحلام الزبناء الأوائل بسبب تعثر الأشغال مما نتج عنه عدم احترام مواعيد تسليم الشقق لملاكها.
كما تفجرت فضائح إنجاز وحدات سكنية بمواصفات لا تطابق التصاميم التي استعملت كطعم للتسويق.
كما تبين ضعف مواكبة مسار إحداث المرافق الضرورية لتشييد الوحدات السكينة، ما عمق عزلة المدينة عن محيطها، في ظل إهمال توفير وسائل نقل عمومية كافية، ليكتشف بعض السكان أن المدينة التي وعدوا بها لا وجود لها إلا في التصاميم و على لسان المسؤولين.
مع توالي الأيام والشهور، تفاقمت حدة المشاكل، بسبب إسناد صفقات إنجاز مئات الوحدات السكنية، لمنعشين وشركات عقارية همها الوحيد تحقيق هامش كبير من الربح، مما أثار احتجاجات المستفيدين.
وفي بداية سنة 2010، اكتشف المواطنون، أن المدينة الجديدة تامسنا، مهددة باستنساخ نفس أخطاء التعمير غير المتحكم فيه بجهة الرباط، بعد إغراقها بوحدات السكن الاجتماعي.
كما اتضح أن هذا المعطى سيحدد نوعية الساكنة، وسيعيق تسويق السكن الراقي الذي شيد بالمدينة بنسبة ضئيلة، و بالتالي إنتاج نفس الاختلالات التي تعاني منها المدن التقليدية، علما أن فكرة مدينة تامسنا، تحكمت فيها رهانات تأسيس تجربة جديدة لسياسة التعمير و التنمية المجالية.
وعوض أن يتحرك المسؤولون، الوزارة الوصية، شركة العمران، والجماعات الترابية، وعمالة الصخيرات تمارة، والوكالة الحضرية، لاحتواء المشاكل التي تتخبط فيها المدينة، تحول هذا المشروع إلى مجال للتجاذب والصراعات القضائية والاحتجاجات اليومية.
تفاقمت المشاكل على مختلف الأصعدة، ليقرر القضاء في خضم هذا المناخ السلبي، الحكم بهدم عدد من الوحدات السكنية.
في المقابل لجأ المتدخلون في المشروع إلى تقاذف المسؤوليات، فاتهمت الوزارة الوصية المنعشين العقاريين بعدم الوفاء بالتزاماتهم، فيما حمل المستثمرون المسؤولية بدورهم المسؤولية للوزارة وباقي المتدخلين، دون أن ينتهي هذا التجاذب الذي أنتج في نهاية المطاف قطبا عمرانيا مشوه جماليا، ومتعثر ماليا، و بجاذبية أقل.
الأرقام الرسمية المتوفرة حاليا تفيد أن عدد ساكنة تامسنا يقل بكثير عن نصف الرقم المتوقع، فيما تشير تقديرات رسمية، إلى أن المدينة التي صممت لاحتضان أزيد من 200 ألف نسمة، هي الآن مجرد مدينة تعاني من تشوهات خلقية بعد أن قرر بعض المستفيدين التخلص من شققهم والعودة من حيث أتوا لأسباب متعددة.
واقع جعل مدينة تامسنا عنوانا لمشاريع عدة كان يعول عليها لبعث الروح في مناطق ميتة، وتوفير دينامية اقتصادية تنعكس على واقع الآف الأسر، لتمر سنوات وسنوات دون أن يتحقق الموعود.