من المفارقات الغريبة في هذا البلد أن يستيقظ ضمير بعض الأحزاب لتنتقد، وبحرقة، قرارات شاركت في تمريرها.
تماما كما حصل مع الساعة الإضافية التي فرضت قسرا على المغاربة، في ظروف مبهمة.
ظروف قيل بشأنها الكثير قبل أن تحاول الحكومة السابقة طرد الشبهة من خلال الحديث عن دراستين معلقتين بقي مضمونهما “سريا” إلى الآن.
مثل هذه المواقف المتناقضة للأحزاب لم تعد جديدة، أو طارئة.
هذا السيناريو المكشوف تكرر في مناسبات عدة، على خلفية تدابير حكومية خلقت احتجاجات واسعة، وهو موقف انتهازي يؤكد كيف تتعامل الاحزاب باستغباء كبير، كما لو كانت لها ذاكرة الذباب الذي ينسى كل شيء بعد ثلاث ثواني فقط.
لقد عاينا كيف تجاوزت العجرفة الحكومية كل الحدود من خلال ترسيم الساعة الإضافية، بعد الحسم في المعجزات الكبيرة التي نسبت إليها، في الاقتصاد والطاقة والنقل والتشغيل والصناعة والتصدير.
إنجازات لم ير لها المغاربة أثرا على حياتهم اليومية، بل عاينوا فقط معجزة أن الشمس تبقى مشرقة ليلا، بفضل هذا القرار الذي تعامل معهم ك”محاجير”.
فضيحة الساعة كشفت وبالدليل القاطع استمرار كولسة عدد من القرارات التي يتم طبخها في سرية تامة، رغم أنها تعني ملايين المغاربة، أو تنطوي عل تحملات مالية مستفزة في ضل هذه الظروف الصعبة.
هي كولسة بلغت مداها مع قانون الكمامة الشهير الذي جعلنا نكتشف أيضا أن بعض المسؤولين مصرون على ركوب ظهر الأزمات لتحقيق منافع، وتمرير مخططات وقوانين ظلت مؤجلة بسبب سوء النية الذي تحكم في إعدادها.
هذه الكولسة التي تسعى وبشكل عمدي لاحتكار المعلومة، وضرب طوق من السرية عليها في زمن منفلت من آليات الرقابة التقليدية، تفسر لنا اختناق المشهد ب”التدوينات” الرسمية، وبلاغات النفي المرتبكة، والمتناقضة، التي تصدر عن وزارات وهيئات ومؤسسات رسمية، في كل مرة يطل فيها خبر حول قرار أو إجراء كان أصحابه يحضرونه في صمت لجعله أمرا واقعا، قبل أن يتنكروا له سريعا بعد انكشاف أمرهم.
لقد قدم قانون الكمامة صورة تقريبية عن المسارات المتلوية وغير الطبيعية التي تمر منها بعض القرارات التي يفترض أنها تمس حرية شعب بأكمله وصورة البلد، بعد أن سبق لمرسوم الساعة الإضافية، وفرنسة التعليم أن قدما لنا دليلا فاضحا على ذلك.