صمت القبور الذي تتعامل به الحكومة مع الزيادات التي تطال أسعار المحروقات، قد يجعل الوضع ينفلت، ما دمنا أمام تهديد صريح للسلم والاستقرار المجتمعي بعد أن تحولت هيئات الرقابة في هذا البلد لفزاعة لا تخيف.
ولأننا شعب مسالم وصبور فإن الحكومة الحالية باعت لنا القرد ، وضحكت كثيرا بعد أن قررت صرف مليارات الدراهم كدعم لفائدة المهنيين، ليشتروا من رئيس الحكومة وغيره المازوط بنفس السعر الذي يشتكي منه الجميع…؟
لهذا السبب لن نلوم لوبي المحروقات على ما يقوم به من استنزاف لجيوب المغاربة، بعد أن نجح وبسهولة في جعل مجلس المنافسة مجرد “فونوغراف” بدون صوت.
نحن أمام شركات أهم وجه فيها هو رئيس الحكومة الذي انتقل من المطلوب الأول في حملة المقاطعة إلى الرجل الثاني في هرم الدولة بعد الانتخابات بوصفة تحتاج فعلا لدراسة.
شركات يبقى هاجسها الكبير هو الربح، حتى ولو كان غير مشروع، وفق ما ورد في تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية التي اكتفتت بالاقتراب من عش الدبابير قبل أن تعود إلينا بمعطيات مبتورة تم التراشق بها انتخابيا..
اللوم الكامل يجب أن يقع على رئيس الحكومة الحالية بقبعته السياسية،و الذي يغرق في الصمت، رغم أنه أكبر تاجر للمحروقات في البلاد، هذا في وقت ننجرف فيه نحو وضع غامض مع اقتراب رفع الدعم عن “البوطا”..
لن نسأل عن ملابسات ما وقع بمجلس المنافسة.
ولا عن الجهة التي سعت لعرقلة إخراجه للوجود قبل أن تجعله يسير برجل واحدة..
ولا عن الهدف من وراء ذلك، بعد أن أصبحنا أمام سؤال ميت، رغم أنه يختزل حقيقة ما يقع في الكثير من القطاعات من “خشونة” وقف الجميع أمامها موقف المتفرج.
الأمر ببساطة يتعلق بمصالح حيتان كبيرة، و لوبيات خرجت بعض وجوهها للعلن وما خفي كان أعظم..
لوبيات كانت ترى في هذا المجلس تهديدا صريحا للاحتكار الذي تمارسه، والامتيازات التي تستفيد منها، أو التي تنتزعها وتصادر حق الآخرين في التنافس المشروع عليها.
واقع يفسر كيف انتهى المجلس سريعا، كغيره من مؤسسا الرقابة والحكامة، إلى مجرد دجاجة تبيض تقارير باردة، وأراء توضع في سلة الارشيف، كما هو الحال مع تقريره حول ما يحدث في سوق الأدوية من فضائح واختلالات ذات طابع جنائي.
اليوم تأكد أن سقف الرهان على هذه المؤسسة التي صارت تعرض المصالحات بدل الغرامات ، قد “راب“.
المجلس كان من المفترض فيه أن يتتبع مسارات الاحتكار، وعمليات التركيز الاقتصادي التي تضرب في العمق قواعد المنافسة والشفافية، والخوض في حقل ألغام كبير لكن المجلس أصبح محكوما بعقدة الخوف بعد أن انفجر لغم ملف المحروقات في وجه رئيسه السابق.
الأكيد اليوم أن النفخ في أسعار المحروقات في هذا الظرف الذي يتميز بحالة غليان، وسخط مجتمعي، يثبت ومن جديد أننا أمام لوبي متشعب يتعامل مع المغاربة بعقلية القطيع ويضع مصالحه فوق استقرار البلد .
لوبي يفرض علينا السعر الذي يريده ليزيد من أرباحه غير القانونية ، مستفيدا من حقيقة أن لا وجود لأي جهة يمكن أن توقفه عند حده بعد خمود المقاطعة، و إدمان المغاربة للاحتجاج الافتراضي..
حقيقة تأكدت بعد أن سحبت الحكومة السابقة يديها من العصيدة، لأن واحدا من أهم وزرائها، وهو السي اخنوش كان معنيا بهذا الملف، لترمي بالكرة في ملعب المؤسسة التشريعية التي أنجزت تقريرا صادما تم دفنه وهي حي، بكل الفضائح التي سالت منه.
حدث هذا قبل أن يحين الدور على حكاية التسقيف التي تحولت لكاميرا خفية انطلت علينا جميعا، لنحصل على نهاية غامضة مع مشهد مجلس المنافسة وهو يحترق من الداخل بفعل اتهامات جد خطيرة.
اليوم صار مطلوبا أن يعلم المغاربة ما ورد في تقرير هذا المجلس الذي عصف بالكراوي…. حتى نعرف السبب… ويبطل كل هذا العجب..؟