سنوات مرت على الطلب التي تقدمت به الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى رئيس النيابة العامة لفتح تحقيق معمق في مال 17 مليار درهم من مستحقات الدولة.
الجمعية أكدت أن تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية المكلفة بالتحقيق في المحروقات بالمغرب، كشف عن معطيات مثيرة حول الكيفية التي تغتني بها شركات المحروقات على حساب جيوب المغاربة، وعلى حساب الخزينة العامة للدولة منذ تحرير أسعار الغازوال والبنزين، وذلك دون احترام مقتضيات دستور 2011 خاصة الفصل 36 منه.
وأشار طلب فتح التحقيق إلى إنه بعد رفع الدعم عن المحروقات ابتداء من فاتح يناير 2016، تبين أن بعض الشركات حققت أرباحا فاقت 100 في المائة مباشرة بعد عملية رفع الدعم في نهاية العام 2015، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، حيث “تشير المعطيات إلى أن السعر المفترض للبيع لا يتجاوز 7 دراهم للتر بالنسبة للبنزين و 6 دراهم للغازوال، بينما تجاوزت أسعار البيع 10 دراهم بالنسبة للغازوال، و11 درهم بالنسبة للبنزين مما يعني أن هناك هامش للربح غير مسموح به وفق الاتفاق بين الحكومة وشركات المحروقات سنة 2014، الشيء الذي جعل هذه الشركات تحقق أرباحا تقدر بحوالي 17 مليار درهم”.
ووفق المعطيات الذي توصلت بها النيابة العامة فان حجم المبالغ الإضافية التي دفعها المغاربة في محطات الوقود منذ تحرير أسعار المحروقات نهاية 2015، لم يكن خاضعا للضريبة المضافة وفق سلم الأرباح الصافية، حسب خلاصات اللجنة الاستطلاعية البرلمانية، وحيث “إن الأسعار المعتمدة بعد التحرير، هو زائد 96 سنتيم في اللتر من الغازوال، و 76 سنتيم بالنسبة للتر من البنزين فان ذلك يمثل ربحا إضافيا بالنسبة إلى الشركات الموزعة، هذا مع العلم أن شركات النفط كانت منذ تحرير الأسعار، تحتسب بشكل فوري أي ارتفاع لسعر البترول بالأسواق الدولية على الزبون بمحطات الوقود، لكنها لم تقم بعملية تخفيض الأسعار عند تراجعها بالسوق الدولية حسب القواعد المتفق عليها مع الحكومة، ما جعل هوامش أرباح الشركات تتضاعف ما بين 2015 و 2017 وذلك بناء على معطيات وزارتي الطاقة والمعادن والشؤون العامة، وكذلك النتائج السنوية للشركات الكبرى السبع في سوق المحروقات بالمغرب”.
ونبه الطلب المسلم لرئيس النيابة العامة إلى أن مقاولات المحروقات اقتسمت فيما بينهما وحسب نصيبها من السوق ما يزيد عن 17 مليار درهم من الأرباح الإضافية،كما كشف أن “متوسط هامش الربح لدى شركات النفط المغربية في لتر واحد من الغازوال كان هو 1,35 درهما في الفاتح دجنبر 2015، أي اليوم الأول من التحرير الشامل لأسعار المحروقات، إذ كان اللتر يباع في محطات الوقود بـ7,98 دارهم”. و”ابتداء من فاتح يناير 2016 انتقل هذا الهامش إلى 1,98 درهم ثم إلى 2,37 درهم في فاتح فبراير من السنة ذاتها، وإلى غاية نهاية 2017، ظل هذا الهامش مستقرا في معدل 2,2 درهما في اللتر، حسب المعطيات الواردة في التقرير الأولي للجنة الاستطلاعية البرلمانية. كما ان هذا الارتفاع في هامش الربح لوحظ كذلك في ما يخص البنزين، إذ انتقل من 1,16 درهم/ لتر في بداية دجنبر 2015 إلى 2,02 درهم/ لتر في مارس 2016، ليستقر منذ ذلك الحين في حدود 1,8 درهم في اللتر
واعتبرت الجمعية أن “المعطيات الواردة في تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية و التصريحات الرسمية والإعلامية لبعض مسئولي اللجنة بما في ذالك رئيسها تفيد بوجود احتكار لمجال المحروقات من طرف شركات محدودة للمحروقات مما يجعل الحديث عن المنافسة الحرة أمرا مستحيلا، ويجعل من المحتمل وجود اتفاقات صريحة او ضمنية من أجل التحكم في الأسعار و في هامش الربح وهي الاتفاقات التي تقع تحت طائلة مخالفة القانون”.
كما أشارت إلى أن بعض الأطراف استغلت حالة الشلل التي يعرفها مجلس المنافسة باعتباره الجهة الموكول اليه ضبط المخالفات المتعلقة بقانون الأسعار وحرية المنافسة وتحرير محاضر بتلك المخالفات وإحالتها على النيابات العامة المختصة.
اليوم فضل مجلس المنافسة أن يطوي هذا الملف بإصدار عقوبات ناعمة اعتبرت بمثابة هدية، دون أن يكلف نفسه عناء نشر أسماء الشركات المتورطة في نهب جيوب المغاربة.