كتب المدرب الحسين عموتة قصة نجاح استثنائية في كأس آسيا مع المنتخب الأردني لكرة القدم، جعلت المدرب تحت ضوء الأحداث، وسط الكثير من الإعجاب والانبهار، بما قدمه هذا المدرب..
ما حققه عموتة مع الأردن تجاوز حدود الإنجاز ليصل إلى الإعجاز، فلا أحد كان يراهن على هذا المنتخب ليصل إلى المباراة النهائية وينافس على اللقب، وكان أقصى ما يطمح له الأردنيون، هو التأهل إلى الدور الثاني، بل إن حلم التنافس على اللقب لم يداعب الأردنيين حتى في أحلامهم، فما بالك أن يصير الأمر حقيقة على الأرض.
قبل انطلاق كأس آسيا كان عموتة في مرمى الانتقادات، كما وجد نفسه في قلب هجومات تشكك في كفاءته، وفي قيمته التدريبية، خصوصا مع خسارة الأردن وديا أمام النرويج بخماسية ثم انهزامه في آخر اختبار ودي أمام اليابان بسداسية، وما رافق ذلك من تعادل بهدف لمثله أمام طاجيكستان، وخسارة بعمان أمام السعودية في تصفيات كأس العالم 2026..
هذه النتائج جعلت عموتة ومعه المنتخب الأردني وسط دوامة الشك، وما زاد الأمر صعوبة هو أن الدوري الأردني ضعيف، ويعيش على وقع الإضرابات، كما أن عددا من لاعبي المنتخب بدون تنافسية، الأمر الذي دفع بعموتة إلى مساعدة بعضهم على إيجاد أندية خارجية للحصول على دقائق لعب أكثر..
واجه عموتة الأردنيين بحقيقة المنافسة في الدوري، والضعف الكبير للياقة البدنية، لكنه لم ينزل يديه، وواصل العمل من أجل أن يكون منتخبه جاهزا في ساعة الصفر، ويفاجئ كل من يتابعه..
بالنسبة إلى مدرب بقيمة عموتة، بدأ من الصفر، وأصبح ما هو عليه اليوم، فالنجاح ليس صدفة، بل إنه نتاج تحصيل علمي ومواظبة وانضباط وتقديس للعمل وإيمان بالقدرات..
لقد نجح عموتة لاعبا ومدربا مع اتحاد الخميسات، وقاده في مفاجأة سارة إلى نيل المركز الثاني في البطولة، بل وكان قريبا من التتويج باللقب، كما شارك معه في دوري الأبطال.
تحول عموتة إلى الفتح الرباطي وقاده في تجربة ناجحة إلى إحراز لقب كأس العرش، ثم كأس الاتحاد الإفريقي سنة 2010 بشكل لم يتوقعه أحد..
في قطر ترك عموتة بصمته مع السد القطري، وأحرز كل الالقاب الممكنة.
وعندما جاء إلى الوداد الغائب عن التتويج القاري منذ سنة 1992، فإنه قاده للفوز بعصبة الأبطال الإفريقية لسنة 2017 على حساب الاهلي، في نهائي تميز فيه عموتة بتكتيكه العالي الجودة، علما أنه كان يتوفر على الحد الأدنى من اللاعبين الذين يمكن أن يوظفهم..
اليوم يكتب عموتة تاريخا جديدا لكرة القدم الأردنية، ويصنع مجدها، لكنه في الوقت نفسه يواصل التحلي بالتواضع، ومواصلة التحصيل العلمي، ليضع اسمه ضمن خانة أبرز المدربين في العالم..
وإذا كان مدربون من قبيل روبرطو مانشيني (السعودية) وكلينسمان (كوريا الجنوبية) برواتبهم الضخمة ومنتخباتهم القوية قد حزموا حقائبهم وغادروا، فإن عموتة بالحد الأدنى من الإمكانيات صنع منتخبا قويا بشخصية فولاذية، ويستحق أن نطلق على ما حققه بأنه إعجاز.