سعيد موسي
حملة مسعورة، تلك للتي يشنها جانب كبير من الإعلام الإسباني على الفراولة المغربية، ومن خلالها على كل المنتجات الفلاحية المغربية، حيث استغل أبشع استغلال قضية التحذير الأوروبي الذي أعقب اكتشاف حمولة من الفراولة المغربية حاملة لفيروس التهاب الكبد الوبائي (أ)، ليتم نشر عشرات التقارير الإعلامية بالغت بعضها في نفخ عواقب هذا التحذير، فيما أخرى اتخذت طابعا عدائيا واستفزازيا.
مزايدة سياسية
الحزبان الرئيسيان المعارضان لحكومة سانشيز، الحزب الشعبي، وحزب فوكس اليميني، وجدا في قضية الفراولة المغربية فرصة جيدة لمهاجمة حكومة بيدرو سانشيز وحليفه المغرب.
وهكذا، بعد اكتشاف إصابة الفيروس الكبدي (أ) في الفراولة التي كان من المفترض تصديرها إلى الاتحاد الأوروبي عبر إسبانيا، طالبت دولورس مونتسيرات، المتحدثة باسم الحزب الشعبي الإسباني في البرلمان الأوروبي، وخوان إغناسيو زويدو، عضو البرلمان الأوروبي والمتحدث باسم لجنة الزراعة، اللجنة الأوروبية يوم الأربعاء الماضي بـاتخاذ “تدابير عاجلة” لضمان عدم حدوث ذلك في منتجات فلاحية أخرى.
وقالت النائبة عن الحزب الشعبي أن حزبها “ينظر إلى هذه القضية بقلق”، مشددة على “أهمية ضمان سلامة الغذاء والصحة في استيراد الأغذية”. وبالتالي، أشارت إلى ضرورة تعزيز الرقابة من جانب حكومة إسبانيا لعدم “تعريض صحة المواطنين للخطر”.
من جهتها، تقدمت هيئات إقليمية تمثل حزب “فوكس” اليميني في عدة برلمانات إقليمية باقتراحات لقوانين تحث حكومة إسبانيا على اتخاذ التدابير اللازمة لوقف استيراد جميع المنتجات الزراعية من المغرب على وجه السرعة، نظرًا لخطورة التحذيرات الصحية حول وجود فيروس الكبد الوبائي (أ) في الفراولة المستوردة من المغرب، بالإضافة إلى تعزيز التفتيش الغذائي لضمان أن باقي المنتجات الزراعية المستوردة تتوافق مع الشروط المناسبة للاستهلاك.
كما راسل الحزب اللجنة الأوروبية مطالبا إياها بتعليق الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي على الفور، بسبب الأضرار الاقتصادية والصحية الهائلة التي يتسبب فيها هذا الاتفاق للإنتاج الزراعي الإسباني، مع دعوة الاتحاد إلى تعليق كافة المساعدات التي يقدمها لقطاع الفلاحة المغربية.
دعوة للمقاطعة
المزارعون الإسبان ضاقوا ذرعا من منافسة المنتجات الفلاحية المغربية ودخلوا في احتجاجات حاشدة مع زملائهم الأوروبيين عملوا خلالها على اعتراض الشاحنات المغربية المحملة بالسلع الزراعية المغربية، وأتلفوا حمولات العديد منها. والآن استغلوا خبر اكتشاف فراولة مغربية حاملة لفيروس التهاب الكبد الوبائي(أ) فنظموا حملات مسعورة على جميع الأصعدة لمحاربة الصادرات الفلاحية المغربية.
وفي هذا الصدد، طالبت التنسيقية الجهوية لمنظمات المزارعين ومربي الماشية في الأندلس (COAG-A)، يوم أمس “بوقف فوري” لواردات الفراولة وغيرها من المنتجات الطازجة من المغرب، عقب “التحذيرات الصحية المتكررة” التي تم الإبلاغ عنها في الأسابيع الأخيرة، معتبرة “الوضع خطيرًا بشكل لافت” بعد إعلان (نظام التنبيه السريع للأغذية والعلف) أن فراولة من المغرب دخلت السوق الإسبانية مصابة بفيروس التهاب الكبد (أ)، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة.
وبالتحديد، شددوا على أن هذا التحذير ينضاف إلى “47 تحذيرًا صحيًا بشأن واردات المغرب في السنة الماضية، 30 منها تم الإبلاغ عنها من قبل إسبانيا”. وهذا ما يستدعي من حكومة إسبانيا، وفق ذات التنسيقية، بمقاطعة كل المنتجات الفلاحية المغربية بسبب “انعدام الثقة في جودتها”.
إحصائيات
وفقًا لبيانات وزارة الزراعة الإسبانية، وكما ذُكر في تقرير يوليوز من عام 2023، بلغت واردات السلع الزراعية والغذائية والسمكية من المغرب 3.9% من إجمالي الواردات الإسبانية في عام 2022.
ويحتل المغرب المرتبة الثامنة بين موردي إسبانيا من هذه السلع عالميًا، مع زيادة بنسبة 10.4% في الواردات في عام 2022 مقارنة بعام 2021.
وفيما يتعلق بالفواكه، فهي تعد ثاني أكبر منتج تستورده إسبانيا من المغرب، بعد المنتجات السمكية، وأهم هذه الفواكه، تبرز الفراولة والتوت الأحمر.
في عام 2023، ووفقًا للبيانات الرسمية، استوردت إسبانيا ما يقرب من 5500 طن من الفراولة من المغرب، بحجم قدره 18.1 مليون يورو.
الفراولة والواد الحار
طالبت منظمات المنتجين والمستهلكين في منطقة مورسيا الإسبانية بزيادة الرقابة حول المنتجات الفلاحية المغربية على الحدود، منبهة المتضررين بإمكانية المطالبة بالتعويضات المناسبة للحكومة الإسبانية، وكذا للاتحاد الأوروبي.
اكتشاف فيروس الالتهاب الكبدي (أ) بالفراولة المغربية، جعل المصالح الصحية تصنف مستوى خطورة استهلاكها ب”المرتفع” بعد العثور على ميكروبات مرضية من الفيروس تفوق الحد الأقصى المسموح به، وهذا يعني أن تلك الفراولة تم ريها بمياه الصرف الصحي، وفق بيان التنسيقية الفلاحية.
هذا ما تؤكده جمعيات المزارعين في المنطقة وتدعمه منظمة الصحة العالمية، التي تنسب الإصابة بالتهاب الكبد (أ) إلى “شخص غير مصاب يستهلك ماءً أو طعامًا ملوثًا ببراز شخص مصاب”، لذلك يكون الانتقال المرضي عبر الماء المائي، وغالبًا ما يتم عبر “تلوث المياه العادمة” أو ري الحقول الفلاحية بمياه غير معالجة بشكل كاف.
تحذير من الرمز 611
كيف تتعرف على المنتجات المستوردة من المغرب؟
تقارير اعلامية اجتهدت في إرشاد المستهلك الإسباني حتى يهتدي إلى الفراولة الإسبانية ويتجنب المغربية “المريضة”.
إذا كنت تشتري فراولة أو أي فاكهة أخرى أو منتجا طازجا آخر في محلك التجاري المفضل، فمن المؤكد أنك ترغب في تحديد مصدره، وفي هذه الحالة، يُعتبر رمز الشريط الرقمي المرافق للمنتوج دائمًا الأكثر موثوقية لتوجيه المستهلك حول منشأ أي منتج غذائي.
كما تعلم، الشريط الرقمي هي مجموعة من الخطوط والأرقام التي نجدها على معظم المنتجات، وعلى الرغم من اعتقادك أنه يستخدم فقط لتحديد ثمن المنتج عندما تمرره المستخدمة عبر كشّاف الصندوق، فإن الحقيقة هي أن الرقمين الأولين “يخبئان” معلومات قيمة حول المنتج المعني.
وبهذه الطريقة يمكننا معرفة كيف تبدأ المنتجات بأرقام مختلفة اعتمادًا على البلد الذي نشأت فيه، لذلك، نعلم أن في حالة رمز الشريط الرقمي الذي يبدأ بـ 84، فقد نشأت في إسبانيا، ولمعرفة المنتح الذي أنتج في المغرب، يجب عليك ملاحظة ما إذا كان الشريط يحمل الأرقام 611 التي تتوافق مع هذا البلد “حتى تتجنب شراءه” يقول تقرير صحفي إسباني.
السلطات تطمئن المستهلك
حاولت الحكومة الإسبانية طمأنة المستهلكين حيث أعلنت وزارة الصحة الأربعاء الماضي أن الفراولة المستوردة من المغرب التي تم اكتشاف إصابتها بفيروس الالتهاب الكبدي (أ) قد تم سحبها من التداول في الأسواق الإسبانية بعد تنبيه المصالح الصحية الأوروبية.
من جانبه، أكد رئيس مجلس مقاطعة الأندلس، خوانما مورينو، أن هذه الفراولة دخلت عن طريق ميناء الجزيرة الخضراء، وأنه تم التعرف على الشركة المستوردة، وهي من مقاطعة هويلفا، كما تم تحديد اسم الشركة الموزعة، وهي من مقاطعة إشبيلية، مضيفا أنه “لم يتم طرحها في السوق نهائيا”.
وفي هذا السياق، أعلن مورينو أن الجمعية تلقت الإخطار مساء يوم الاثنين وفي “وقت قياسي”، تم العثور بالفعل على المستورد والموزع وتم تتبع المنتج، وقال “لقد قمنا بجميع التحققات اللازمة للتأكد من أنه لم يتم توزيعها، وقبل كل شيء، أنه لم يتم استهلاكها، وهذا ما كان يثير قلقنا”