في 16 أكتوبر من سنة 2018 وقعات أسوا حادثة في تاريخ القطارات بالمغرب…
تران خرج من السكة ديالو بسرعة كبيرة حدا بوقنادل في حادث ولا لغز كبير بعد أن تم مسح تسجيلات كاميرات القطار بطريقة فيها شبهات كثيرة.
و بعد سلسلة من الجلسات والوقائع المثيرة التي كشفت عنها التحقيقات، المحكمة الابتدائية حكمات على سائق قطار بوقنادل، التي تحول لكبش فداء لشركات كبيرة ، وقررت إدانته من أجل “القتل والجرح الخطأ” مع الحكم عليه بما قضى.
هاد الحادث وقع وقت قصير قبل تدشين الملك للبراق، والشركة لي صيبات نظام التحكم في إبر التوجيه ديالو.. شركة اسبانية كبيرة عندها مصالح بالملايير، علما أن حوادث بحال هادي فالدول لي كتحترم راسها كيطير فيها مدير السكك الحديدية ووزير النقل لكن حنا فالمغرب لذا لن نستغرب.
هذا الحكم مكن السائق من مغادرة أسوار سجن العرجات التي قبع فيها لخمسة أشهر و5 أيام، بعد أن اعتقل مباشرة بعد الفاجعة التي خلفت سبعة قتلى وأزيد من 100 جريح.
بلاغ لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية اعتبر، وقبل صدور الحكم، أن السائق يتحمل مسؤولية انحراف القطار رقم 9 عن مساره نتيجة السرعة المفرطة، ما جعله يمثل أمام القضاء ليواجه تهم “القتل والجرح الخطأ” وهي الجنح المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 432 و 433 من القانون الجنائي.
السائق المسكين استقبل الحكم بالدموع بعد أن تسمك في كلمته الأخيرة ببراءته، مؤكدا أنه يثق في أن القضاء سينصفه، بعد أن ضل الغموض يلاحق مسار هذا الملف الثقيل منذ وقوع الحادث، وما تلاه من تفاعلات جعلت الدفاع يحذر من تقديم السائق ككبش فداء للتهرب من المسؤولية، وطمس الأسباب الحقيقية وراء الفاجعة.
للإنصاف المحامي الراحل “شوقي أجانا” لعب دور كبير باش السائق مايوليش ضحية لملف كبير فيه مصالح بالملايير.
اين اختفت التسجيلات
المرحوم أجانا مشا لأهم ثغرة فهاد الملف وهي كيفاش طارت التسجيلات ماشي غي ديال التران لي تقلب، بل حتا التران لي داز قبل منو فداك الصباح المشؤوم.
التحقيقات المرتبطة بهذا الحادث، عرفت عددا من الأطوار المثيرة بعد أن اختفت تسجيلات الفيديو التي شدد السائق على أنها الدليل القاطع على براءته، وصرح بلي الاطلاع عليها سيحسم الملف ، وسيثبت أن الإشارة المحددة للسرعة لم تكن مضاءة، وهو ما جعله يواصل السير بسرعة 158 كيلومتر في الساعة قبل أن يفاجئ بإبرة التغيير معكوسة لينحرف القطار عن مساره على مستوى بدال بوقنادل.
“الخواض” بدا حين قالت التقارير التي أنجزها المكتب الوطني للسكك الحديدية ، وشركة “لومباردي” عكس ذلك محملة السائق المسؤولية الكاملة، بدعوى أن احتمال وقوع خلل في نظام التشوير الذي وضع حديثا ضمن صفقة ضخمة مع الشركة الاسبانية “مستحيل”.
تحقيقات الدرك الملكي كانت حاسمة و فضحات باللي القضية فيها مناطق رمادية كثيرة، واللي خلات الشبهات تتناسل.
القرص الصلب
بعد الاستماع لتقنين تابعين للمكتب وإحدى الشركات الخاصة اتضح عملية “تبديد” للمعطيات الموجودة في القرص الصلب للقطار، والتي تضم تسجيل الفيديو المتعلق برحلة القطار رقم 9 منذ انطلاقه من محطة الدار البيضاء إلى لحظة وقوع الفاجعة.
هاذ القضية أثارت شكوكا لدى المحققين، وهيئة الدفاع، من أن يكون الأمر مرتبطا بمسح عمدي لتوريط السائق، ما جعل الدفاع يصر على كشف مصير التسجيلات الموجودة في القرص الصلب، قبل أن يؤكد تقرير الخبرة الذي أنجزه مختبر الأدلة الجنائية التابع للدرك الملكي عدم وجود أي تسجيل على القرص الصلب ليوم الحادث بمعنى أن الكاميرات كانت “عمية” نهار الحادث بطريقة فيها “إن”.
أرشيف طار لإسبانيا
تقني الشركة الإسبانية قال أن هامش وقوع خطا في نظام التشوير معدوم، قبل أن يقدم معطى اعتبر الدفاع انه في غاية الأهمية حيث كشف أن الأرشيف المرتبط بنظام التشوير تم نقله بالكامل إلى مدريد عقب الحادث.
هذا رغم أنها وثائق مرتبطة بالتحقيق، ما عزز مطالب دفاع السائق بضرورة اعتماد خبرة منجزة من طرف جهة محايدة، وهي الوثائق لي ماجاتش للمحكمة وبقات فطي المجهول بعد أن تم إعدام أهم دليل فالقضية.
القاضي طرح أسئلة جد دقيقة على التقنيين الذي عجزوا عن تقديم سبب واضح للكيفية التي بددت بها التسجيلات التي كانت مخزنة في العلبة السوداء، والتي تم جلبها من مقطورة السائق مباشرة بعد الحادث من أجل استخراج الأشرطة المصورة انطلاقا من الكاميرات المثبتة على القطار.
هاد التسجيلات كان من شأنها أن تحسم الملف من خلال دعم رواية السائق الذي يتشبث بأن علامات تحديد السرعة في 60 كيلو متر على مستوى بدال بوقنادل كانت غير مشغلة، في حين يؤكد كل من المكتب الوطني للسكك الحديدية، وشركة “لورمبادي” المسؤولة عن التشوير عكس ذلك.
روايات متضاربة
عدد من التقنيين الذين اشرفوا على علمية استخراج الأشرطة قالو انهم تفاجئوا بمجرد ربط القرص الصلب بجهاز خاص تم جلبه لاسترجاع التسجيلات بظهور عبارة تناقضت روايتهم بشأنها.
شي قال أن تشير إلى أن الجهاز يستعد لعلمية المسح “فورمات”، أو أن العملية انطلقت بمجرد وصله بعد ظهور عبارة تفيد بان عملية السمح قد تمت، وهو ما دفعهم إلى عزل القرص الصلب عن التيار الكهربائي ليتبين لاحقا أن محتوياته قد بددت؟
وأكد التقنيون الذي جرى الاستماع إليهم أن العملية تمت بحضور عناصر من الدرك الملكي، وأنهم يجهلون السبب وراء ذلك بحكم أنها المرة الأولى التي يقع فيها مثل هذا العطب الذي قد يكون راجعا لحدوث تماس أو تعرض القرص الصلب لدرجة حرارة عالية، وترددات ناجمة عن انقطاع مفاجئ لكهرباء، كما أنهم يجهلون إن كان ممكنا استرجاع محتوياته.
هذه الرواية لم تقنع كلا من الدفاع والقاضي الذي نبه إلى أن علمية المسح لا تتم تلقائيا، وأن العلبة السوداء التي توضع في القطارات من المفترض أن صناعتها تراعي طبيعة الحوادث التي يمكن أن تتعرض لها القطارات.
كما طالب كل من القاضي والدفاع التقنيين بتقديم تفسير للسرعة الفائقة التي تم بها مسح محتويات القرص الصلب والتي لم تتجاوز سوى 3 ثوان، في حين أن أحد التقنيين أكد في المحاضر المنجزة من طرف الدرك الملكي أن القرص الصلب كانت سعته 465 “جيكا اوكتي”، وأن أقل وقت تتطلبه علمية المسح هي 20 دقيقة.
القاضي والسائق
دفاع سائق بوقنادل قال أن الحسم في حقيقة ما حدث لتسجيلات الفيديو الذي يوثق لمسار القطار منذ لحظة انطلاقه ،إلى حين وقوع الحادث، من شأنه أن يجيب عن الكثير من علامات الاستفهام التي ضلت تلاحق هدا الملف منذ الإعلان عن تقديم السائق وحيدا للمحاكمة.
جاء ذلك بعد الاعتماد على تقررين مقدمين من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة “لومباردي” ، وهي التقارير لي خلات السائق المسكين يهز الدقة باش السي لخليع يبقا فبلاصتو، ويقدم مشروع البراق للملك، ويزيد يغرق مكتب السكك الحديدية فالديون ويبرم صفقات بمئات الملايير بحال صفقة الترانات الجداد.
الأسئلة التي وجهها القاضي لسائق القطار شملت عددا من المعطيات التقنية المرتبطة بسير القطارات، ومساراتها، وعلامات التشوير المرتبطة بها، وصولا إلى اليوم الذي وقع فيه الحادث بعد أن تم التركيز وبشكل أساسي على علامات التشوير التي تعد نقطة الحسم في هذا الملف.
سائق القطار جدد بناءا على الأسئلة التي وجهت إليه من طرف القاضي وممثل النيابة العامة التأكيد على أن علامة التشوير حين مرور القطار لم تكن تشير إلى ضرورة تحديد السرعة.
التسجيلات اللي هي أهم دليل دخلت في مسلسل من الحوادث الغامضة بعد أن تبين انطلاقا من تقرير خبرة أنجزه الدرك الملكي أن الكاميرات المثبتة في القطار الذي مر قبل وقوع الحادث وتعرض لاهتزاز عنيف، كانت معطلة، و أن جزءا مهما من التسجيلات التي تمت انطلاقا من كاميرا القطار رقم 9 قد تعرضت للإتلاف، في حين لم يتم تسجيل مسار الرحلة في يوم الحادث.
النقيب الشرقاوي قال حينها “من حقنا أن نسأل علاش تم محو تسجيلات من القرص الصلب، ومتى تم الوصول إليه رغم أن المكان يتعلق بمسرح جريمة”، رافضا جعل السائق كبش فداء للتغطية على المسؤوليين الحقيقيين.
من جانبه أكد المحامي شوقي اجانا أن الدفاع لم يتبق له سوى اللجوء ل”للصينية”، وجمع الضمانة التي تراها المحكمة كافية لتمتعيه بالسراح المؤقت مطالبا بإرجاع الأمور إلى نصابها.
كما نبه إلى ما ورد في بلاغ النيابة العامة الذي صدر عقب الحادث والذي أشار إلى تحميل السائق المسؤولية بناءا على السرعة المفرطة ،معتبرا أن إصدار مثل هذه البلاغات في ملفات بعينها ينطوي على توجيه للرأي العام، وتأثير على سير المحاكمات، مثل هذه المحاكمة لي تطوات بعقوبة “بما قضى” في حق السائق، لكن الألغاز ديالها لازالت مطروحة إلى اليوم.