في بلد ولفات النخبة السياسة ديالو الاختباء وراء “إرث” الحكومات السابقة، وأدمنت التنكر للتعهدات بدعوى ضرورة التمييز بين البرامج الانتخابية و الحكومية، حزب التجمع الوطني للأحرار لا يجد حرجا في الدفاع عن أشكل جديدة من الفساد لي خذات أشكال جديدة أكثر فتكا وشراسة بحال ما وقع في صفقة 1500 مليار ديال تحلية مياه بحر الكازاويين.
الجميع يتذكر حملة اخنوش الانتخابية المنفوخة بوعود براقة، وشعارات تنطوي على نفس دعائي يتجاوز واقع البلد الذي يعرفه المغاربة.
رغم هذا نجح الرجل في القفز على ما يحتفظ به الشارع في ذاكرته من مصير عدد من الوعود المشابهة.
الأحرار، ورئيسه اخنوش، ومن ورائه آلة دعائية ضخمة تتجاوز الوسائل التقليدية سعى للترويج لنفسه على أنه “الحصان الرابح”، و رهان الدولة، وورقتها التالية، بعد أن تحول حزب الأصالة والمعاصرة إلى مجرد “مهمة” وانتهت، بغض النظر عن النتيجة والأداء.
حزب الأحرار و”باش يبييع المغاربة لعجل” حاول ما أمكن استثمار حالة التبرم الشعبي الواسع من حصيلة و أداء حزب العدالة والتنمية في ولايتين حكوميين، بعد أن استنفذ الحزب ما لديه، و صارت بطاريته غير قادرة على تحمل ولاية ثالثة.
تماما كما صار مزاج الدولة، والوضع العام لا يسمح بالتمديد، لكن ما حدث بعد ذلك كشف أن الكلفة ستكون باهظة، وأن أخطاء وتهور واستفزاز حكومة رجال الأعمال للشارع قد تنفخ النار في زيت السخط الشعبي.
حكومة “ناعسة” فوق سرير الفساد
ملفات كتذاكر المونديال، وامتحان المحاماة، و صفقة تحلية مياه البحر، واحتكار غاز تندرارة غا تبقا عنوان واضح على حجم الفساد في عهد الحكومة الحالية.
فساد ينظر إليه اليوم من طرف جمعيات مهتمة بحماية المال مثل وباء سريع الانتشار أفقيا وعموديا.
السبب واضح بعد أن صارت العادة هي دفن الملفات، والرهان على الوقت والذاكرة القصيرة، وأساسا على توالي الفضائح بمنطق “وحدة تنسيك فالثانية” من أجل التهرب من المحاسبة.
الخطير أن الفساد الكبير الذي ينخر الاقتصاد، ويلتهم جزء مهما من الناتج الخام، ويحرم المغاربة من حقهم في تنمية صارت تمنح لهم من طرف الدولة كجرعات صدقة، قد عرف بدوره تضخما يفوق التضخم الذي يعاني منه اقتصاد البلاد.
الشاهد على ذلك هو تقرير هيئة النزاهة لي أكد بأن الفساد بالمغرب أخطر من كورونا لي خلات الدولة تسد على المغاربة فديروهم وتسيفط لي خرج للحبس..
هاد الشي بلا مانرجعو لمؤشر مدركات الفساد لعام 2022، والتي تقهقر فيها المغرب للمرتبة 94 عالميا، ليتراجع بذلك ب 7 مراكز مقارنة مع تقرير سنة 2021، والتي احتل فيها المغرب المرتبة 86، بعد أن كان في المرتبة 80 عام 2019.
سياسيون فكرشهم لعجينة
اللافت أن الحكومات السابقة كانت تتصدى لمثل هذه التقارير، وتملأ الدنيا بالغوات ، وتعتبرها تنقيصا من مجهودها في محاربة الفساد.
لكن حكومة اخنوش تبدو متصالحة عن قناعة مع الفساد الكبير، ما دام وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد بادر وقبل أن “يسخن بلاصتو “على كرسي وزارة العدل لإعدام مشروع تجريم الاثراء غير المشروع.
قرار سياسي يساءل أحزاب الأغلبية الحكومية، و يؤكد ما ذهبت اليه الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة التي نبهت لكون السياسيين المغاربة يعارضون سجن الفاسدين بهدف خلق بيئة مجتمعية مطبعة مع الفساد ومتعايشة مع الأزمة.
وبخصوص تقييمها لآليات المساءلة وإعطاء الحساب، رصدت الهيئة العوائق التي تؤثر على نجاعة المفتشيات العامة بشكل خاص، في عدم تقييد سلطة الوزير المسؤول بإلزامية تحريك المسطرة التأديبية أو المتابعة القضائية، وعدم ضمان تلقائية تصديها لمختلف الاختلالات، وغياب التنصيص في نشر تقاريرها.
اليوم يتأكد أننا أمام حكومة تعبد الطريق لنهب المال العام، وتبديد ثروات هذا البلد، واحتكارها من طرف فئة قليلة تسعى بكل جهد للحفاظ على امتيازاتها بشتى الوسائل والطرق.
وضع يفسر لنا كيفاش أن الفساد لازال يلتهم 5 في المائة من الناتج الخام، ويحرم خزينة المغرب التي تغرق في المزيد من الديون والقروض من 5000 مليار سنتيم سنويا.
هذا الرقم الفلكي يمكن أن يحل لنا الكثير من المشاكل المستفحلة التي تأزم حياة المغاربة، وترسم صورة قاتمة وجد مقلقة عن ما هو آت.. في ضل توالي المؤشرات السلبية، لكن الحكومة غير قادرة على مد يدها لوقفت النزيف خوفا من التيار الجارف للفساد، وتجنبا لإغضاب بعض “اللوبيات” والحيتان الكبيرة التي تنشط من داخل الحكومة وخارجها ومن حولها.
اللافت أن رئيس الحكومة الذي لا يمكن له انطلاقا من حالة تضارب المصالح أن يتوفر على الإرادة، والشجاعة السياسية لحل ملفات الفساد المتراكمة، يسعى وفريقه الحكومي لإنعاش عدد من المؤسسات العمومية التي صارت عبارة عن ضيعات بملايير جديدة من المال العام.
يحدث ذلك عوض تفعيل المحاسبة والتدقيق في النزيف الذي تعرضت له، والذي صنع ثروات عدد من الأسماء والشركات التي ضلت ترضع بنهم من “المال السايب”.