فوجئت كما فوجئ الرأي العام ونساء التعليم ورجاله خاصة بتصريح صحفي أدلى به رئيس جمعية حقوقية حول المشاركين في الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، والذي سينظم خلال شهر شتنبر القادم، حيث وصفهم بنعوت قدحية كأنه لا يدري أنه يتفوه بذلك ضد من قال فيهم أمير الشعراء “كاد المعلم أن يكون رسولا”، لقد وصف المنخرطين في هذه العملية الوطنية التي ظلت دائما تعرف مشاركة أطر هيئة التربية والتكوين، بــ” العطاشة”، والأنكى أنه بعد الضجة التي صاحبت التصريح الأول، جرى تخفيف اللهجة بالقول إن ذلك التوصيف ليس سوى ترجمة لكلمة TACHE في اللغة الفرنسية…ونحن إذ نقر بوجود هذا الاستعمال في العامية المغربية(الدارجة) الذي ينطبق على بعض المهن التي تتطلب مجهودا عضليا، إلا أننا نعتبر وصف نساء التعليم ورجاله به غير مناسب ولا لائق ولا يستحضر القانون البلاغي التواصلي المأثور “لكل مقام مقال”؛ وقد أوحى ذلك التوصيف بدلالات قدحية قبيحة لا تتناسب مع طبيعة الموصوفين، وتمثلات المجتمع والرأي العام عنهم باعتبار سمو المهام التي يؤدونها، فضلا عن دورهم الرسالي في التنشئة الاجتماعية والسلوكية للمتعلمين مواطني الغد.
ولعل ما زاد الطين بلّة، هو الزعم بأن نساء التعليم ورجاله، ما كانوا ليقوموا بمهام الإحصاء لولا إغراءات التعويضات التي سيتلقونها فضلا عن أجرة شهر شتنبر التي سيحصلون عليها بدون أداء واجبهم المهني في الفصول والمؤسسات التعليمية، من هنا رتب الحقوقي المذكور على هذا الأمر، مطالبته باقتطاع ضريبة التعويض عن المشاركة في الإحصاء أسوة بما يخضع له الموظفون، وكأننا به يلقن الإدارة واجبها المعروف.
والغريب في هذه الخرجة غير محسوبة العواقب، أنها استندت في حجاجها إلى تصريح سابق لبعض نساء ورجال التعليم في السنة الماضية خلال إضرابهم عن العمل بسبب النظام الأساسي؛ حيث ذكروا بأن مكانهم الطبيعي هو الفصل الدراسي وليس الشوارع للاحتجاج…
إن هذه الحجة التي بنى عليها الحقوقي توصيفه داحضة لعدم تماثل السياقين المذكورين في ثنايا الحجاج؛ كيف نقارن بين سياق احتجاجي مطلبي وبين المشاركة في أداء واجب وطني لا يتمثل المصرح أبعاده ونتائجه الآن… ؟
هل خمن كيف يمكن لأولئك المتعلمين الذي يزعم المصرح أن الأساتذة سيتركونهم دون تعلمات مع بداية الموسم الدراسي، أن تشملهم بعض ثمار الإحصاء بعد تشخيص وضعية البنيات التحتية لاسيما في العالم القروي؛ فيما يخص الطرق والمرافق الأساسية فضلا عن وضعية الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية؟
كيف انتهى لعلم المصرح بأن الأساتذة لن يكونوا قادرين على استدراك الأسابيع الأولى من شهر شتنبر بعد التحاقهم عند إتمام الإحصاء؟
أما الزعم بأنه كان على الجهة المكلفة بقبول المشاركين عدم قبول الأساتذة بسبب وجود أعداد من المعطلين من حملة الشهادات، فيتغافل عن متطلبات الفعل الإحصائي ومؤهلات الأساتذة بالنظر لتجربتهم المهنية وتكوينهم الأساس والمستمر، كما لا يستحضر المهارات التواصلية وحس المسؤولية التي تلقى فيها الأساتذة تكوينا قبل ممارسة المهنة.
متى كان الأستاذ “عطاشا”؟
بواسطة محمد بنلحسن