نشرت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية تحليلا من مراسلها للشؤون الأوروبية المقيم في باريس جون هينلي بعنوان “ثلاثة سيناريوهات محتملة لانتخابات ماكرون المفاجئة”، أكد فيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يجد نفسه محاصرا ببرلمان منقسم، قد يبطئ بدعوته المفاجئة لانتخابات برلمانية جديدة صعود اليمين المتطرف (الذي حقق فوزا كاسحا في انتخابات البرلمان الأوروبي) ولكنه ربما لا ينجح أيضا في ذلك.
وشدد الكاتب على أن هناك عدة أمور وراء مقامرة ماكرون الخطيرة، عددت منها تدني شعبيته قبل 3 سنوات من نهاية فترة ولايته الثانية، وإصابة برلمانه بالشلل، مما اضطر الحكومة لاتباع أدوات دستورية غير مرغوبة لتمرير تشريعات لا تحظى بشعبية.
ويسعى ماكرون، من خلال هذه الدعوة، لإرغام حزب اليمين المتطرف “حزب التجمع الوطني” على مواجهة حقيقية، وإبطاء زخمه التصاعدي، مشيرا إلى أن الانتخابات الوطنية ليست مثل الانتخابات الأوروبية، التي حصلت فيها قائمة التجمع الوطني على 32% من أصوات الفرنسيين، مقابل 15% للقائمة الموالية للرئيس.
علاوة على ذلك، يبدو أن ماكرون يحسب أنه إذا تمكن من إضفاء طابع درامي على الاختيار الذي يواجه الفرنسيين، سوف يخيفهم، وبالفعل قال: “في كل انتخابات تصوتون لهم بأعداد أكبر. والآن حان الوقت لتقرروا، هل تريدون حقا أن يحكمكم اليمين المتطرف؟”.
وقدم الكاتب ثلاثة سيناريوهات محتملة لمقامرة ماكرون:
السيناريو الأول
بحسب هينلي فمع أن مستشاري ماكرون يصرون على أنهم يخوضون هذه الانتخابات من أجل الفوز، ويعتقدون أن مشاركة الرئيس شخصيا في الحملة ستعطيهم الأغلبية، فإن الأمر لا يبدو كما يتوقعون هذه المرة بسبب التغيرات الكثيرة.
ويرى الكاتب أن مسعى ماكرون باللعب على المناشدة العاطفية بالقيم الديمقراطية والجمهورية لن تنجح في مواجهة حزب يميني متطرف مناهض بشدة لأوروبا وموال لموسكو، ومعاد للمهاجرين وسلطوي، لأن اليمين المتطرف أصبح الآن طبيعيا إلى حد كبير في جميع أنحاء أوروبا.
السيناريو الثاني
ولفت الكاتب إلى أن العديد من نشطاء حزب اليمين المتطرف (التجمع الوطني) كانوا متحمسين، عندما قال ماكرون إنه سيحل الجمعية الوطنية (البرلمان) وذلك لاعتقادهم أنهم قادرون على الفوز بالأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان البالغة 577 مقعدا، ومن ثم حصولهم على منصب رئيس الوزراء الذي أعلن رئيس قائمتهم جوردان بارديلا استعداده لشغله (رغم أنه فاز بعضوية البرلمان الأوروبي).
ونوه الكاتب إلى أن أعين مارين لوبان (رئيسة الحزب الفعلية التي ورثته من والدها جون ماري لوبان قبل إبعاده منه) على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2027، والتي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها هي المفضلة فيها.
وبحسب الكاتب فعلى الرغم من أن هذا يبدو بالنسبة لليبراليين بمثابة كوابيس، إلا أن المحللين يقولون إن ماكرون قد يتخيل هذا السيناريو.
وفي فرنسا تعرف حالة أن يكون الرئيس والحزب الذي يسيطر على البرلمان من حزبين مختلفين بـ”التعايش”. ويشير الكاتب إلى انه لا توجد سابقة لرئيس من التيار السائد “يتعايش” مع برلمان يسيطر عليه اليمين المتطرف، وذكر بأن رؤساء الوزراء الفرنسيين نادرا ما يخرجون من وظيفتهم سالمين.
وبحسب الكاتب فربما هذا ما يعول عليه ماكرون، الذي يتصور أن بارديلا وحكومته، وفي مواجهة الحقائق الصعبة التي تعيشها الحكومة، قد يثبت ببساطة أنهم غير قادرين على أداء المهمة. وفي الوقت نفسه، بطبيعة الحال، سيجلس ماكرون في الإليزيه (قصر الرئاسة) ويشير إلى عيوبهم.
برأي الكاتب إذا كان هذا هو خياره التالي الأفضل، فهي مقامرة ضخمة. لقد أثبت حزب الجبهة الوطنية انضباطه في المعارضة، وسوف يكون البرلمان الذي يسيطر عليه حزب الجبهة الوطنية مسؤولاً فعلياً عن قسم كبير من عملية صنع السياسات الداخلية الفرنسية.
وذكر بأن معاشات التقاعد، وإعانات البطالة، والتعليم، والضرائب، ومتطلبات الهجرة والجنسية، والتوظيف العام، والقانون والنظام، وتشريعات العمل ــ كلها تقع من حيث المبدأ تحت اختصاصات البرلمان والحكومة.
السيناريو الثالث
بحسب الكاتب يعتقد أغلب المحللين أن بنهاية الانتخابات البرلمانية في السابع من يوليوز سوف يتمخض عنها برلمان زاد فيه حزب لوبان عدد أعضائه من دون أن يتمتع بأغلبية مطلقة، وأن الرئيس الحر، نظريا، في تعيين من يريده رئيسا للوزراء، سيجب عليه اختيار شخص مقبول للبرلمان، لأن البرلمان قادر على فرض استقالة الحكومة.
وخلص هينلي إلى أن ماكرون ربما يحاول البحث عن تحالفات مع تيار يمين الوسط أو يسار الوسط، لكن لا أحد يستطيع تخمين مدى نجاحه في ذلك، ولعل النتيجة الأكثر ترجيحا هي برلمان أكثر انقساما، وفي نهاية المطاف الوصول إلى طريق مسدود.
وكالات