رغم مرور سنة كاملة على مصادقة مجلس الحكومة على مشروع المرسوم رقم 2.22.04 لتطبيق القانون رقم 36.21 المتعلق بالحالة المدنية، لازالت رقمنة الحالة المدنية تراوح مكانه، مما يضع المرتفقين الراغبين في استصدار “عقود الازدياد” أو “التصريح بالمواليد” أو الوفيات في وضعٍ صعب، حيث يجدون أنفسهم مضطرين إلى جمع كم هائل من “المستندات الورقية”، والتنقل إلى مقار المقاطعات والملحقات الإدارية لإجراء هذه العملية.
وأفاد مصدر مطلع لـ “نيشان”، “أن مشروع رقمنة الحالة المدنية لا يزال حبرًا على ورق، على الرغم من انطلاق عملية “مسح سجلات الحالة المدنية” وإدخالها في المعالج الآلي منذ أكثر من 14 عامًا، بتكلفة ناهزت مليارات الدراهم، استفاد منها عدد من الشركات الخاصة العاملة في مجال “هندسة المعلوميات”.
وأوضح نفس المصدر “أن غياب الموارد البشرية المؤهلة في الجماعات المحلية هو أحد الأسباب الرئيسية وراء تعثر تنفيذ هذا المشروع، حيث إن الموظفين المكلفين بهذه المهمة لا يتجاوز عددهم واحداً على مستوى كل مصلحة، ويتم تزويدهم في الغالب بجهاز حاسوب وحيد وبسعة تخزينية ضعيفة، بالإضافة إلى غياب وحدات مركزية لمعالجة وحفظ البيانات على مستوى كل جماعة أو إدارة، فضلاً عن غياب التقنيين المتخصصين للاشراف على هذه العملية.
وفيما يتعلق بالبوابة الإلكترونية التي أطلقتها وزارة الداخلية لاستقبال التصريحات الأولية بالولادة أو الوفاة، أكد المصدر “أنها مجرد بوابة شكلية، حيث لا تحظى التصريحات من خلالها بأية قيمة قانونية او إدارية، وأقصى ما يحصل عليه المواطن/المصرح من خلالها هو ملف “بي دي إف”، دون إحالة البيانات التصريحية إلى المصلحة المختصة، مما يُعيق عملية تسجيل الولادات والوفيات بشكل فعّال.
ويؤكد المصدر أن ذلك يحدث في وقت سبق وشدد فيه “النموذج التنموي الجديد الذي وضعه المغرب” على استثمار كل الإمكانات التحويلية للتكنولوجيات الرقمية وجعلها ركيزة أساسية ومحفزا لتسريع التنمية وتمكين شرائح واسعة من المواطنين من جني ثمارها. كما جعل منها أحد ركائز تحسين علاقة الإدارة بالمرتفقين وإعادة بناء الثقة بين المواطن والإدارة العمومية.
بالإضافة الى ذلك، ولأول مرة في تاريخ الحكومات بالمغرب، تم إحداث وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة لتعنى بهذا الورش الهيكلي، لكن بعد مرور أكثر من سنتين على إنشائها، لم تنجح في رقمنة الإدارة أو تحقيق الانتقال الرقمي المأمول، مما يجعل استثمار التكنولوجيا الرقمية وتحسين العلاقة بين المواطنين والإدارة ، واحدة من “الملفات الهامة” التي فشلت “حكومة أخنوش” في إنجاحها.