بالطريق الساحلية للعاصمة الرباط في اتجاه الهرهورة تلوح بقايا حفرة عملاقة، هي كل ما تبقى من آثار لمشروع ضخم أجهض في بدايته، بعد أن كان حلما سيغير واقع الرباط.
حلم كان سيخلصها من الصفة التي تلاحقها كمدينة إدارية كئيبة لتصبح عاصمة تحفل بالنشاط، و تتمتع بجاذبية سياحية تضعها في مصاف العواصم العالمية.
المشروع الذي حمل اسم “سفيرة” مات قبل أن يولد، بعد أن تم تقديمه في حفل بهيج حضره عدد من كبار المسؤولين الذي التقطوا الكثير من الصور، ووزعوا ابتسامات عريضة بشكل مبالغ فيه قبل أن يزفوا لسكان العاصمة الخبر الجميل.
مشروع”سفيرة” كان من المفترض أن يمتد على الواجهة الساحلية للرباط بغلاف مالي يقدر ب3.1مليارات دولار، وأن يخلق 7300 فرصة عمل مباشرة، على أن يشمل بناء فندق فخم ،وقاعات للسينما ومقاه ومطاعم، ومركز تجاري على مساحة 45 ألف متر مربع، وإقامات سكنية، وفيلات وفضاءات ترفيهية وثقافية ومؤسسة صحية بطاقة استيعابية تصل إلى 250 مريض، وميناء وتجهيزات متنوعة أخرى، إضافة إلى إقامة للأعمال تتكون من 50 طابقا ستكون موجهة للشركات وقطاع الخدمات.
التصريحات التي نهلت من الوعود قالت إن الشريط الساحلي وعلى طول 11 كلم سيضم 9 مشاريع عقارية فاخرة تطل على الميناء والبحر، ومنتجعا شاطئيا، ومنتزهات عامة، وحيا للفنون يضم مسرح اوبرا وقاعة للحفلات ومدرسة للفنون، ومساحات مخصصة للمكاتب ومتاجر التجزئة.
كل هذه المشاريع تبخرت دون سابق إنذار لتنسحب الشركة الإماراتية “إعمار” دون أن تلتفت ورائها.
الشركة خلفت ورائها مقرا فخما لازال شاهدا على هذا المشروع الكبير الذي قال وال سابق للرباط أنه سيضع حدا لعزلة الواجهة البحرية للعاصمة ذات الطابع الصخري.
كما أكد أنه سيكون مقدمة لتهيئة ستشمل الساحل الأطلسي للعاصمة وضواحيها الشمالية والجنوبية انطلاقا من بوقنادل بسلا وصولا للصخيرات ، لكن المشروع لم يتحرك إطلاقا، كما لم يكلف أي مسؤول نفسه عناء شرح ما حدث، أو كشف مضمون إتفاق الاستثمار.
الغريب أن المنطقة بقيت تندب وترثي تلك الحفرة العملاقة، وضلت في حالة انتظار دامت لسنوات طويلة، وكأن المسؤوليين المغاربة راهنوا على استعادة المستثمر الخليجي لعافيته المالية للعدول عن قرار الانسحاب.
لكن لا شيء من هذا حصل، قبل أن يتم الاقتناع بالمثل المغربي الذي يقول “ما حك جلدك مثل ظفرك” وهو ما فرض البحث عن صيغة بديلة لتهيئة المنطقة من خلال مشروع الرباط “مدينة الانوار” الذي كلف 940 مليار سنتيم ضمن صفقات سالت من بعضها شبهات كثيرة.
مشروع نجح في استعادة جزء من جاذبية المنطقة الساحلية من خلال مشروع “لوكاروسيل” الذي يضم مساكن فاخرة، ومساحات للتنزه، وفندقا موجها لرجال الأعمال، ومركز تسوق في الهواء الطلق….
أما مشروع سفيرة…فكان مجرد خيط دخان.