معلوم للجميع أن كرة القدم تحظى في بلادنا بمتابعة مهمة من طرف فئات واسعة من عموم المواطنات والمواطنين، حيث تبقى الرياضة الأكثر شعبية بالمغرب بدون منازع. كما أن الاندية الوطنية المحترفة لها جماهيرها العريضة في جميع أنحاء المملكة، التي طالما أبدعت في المدرجات بأهازيجها و« تيفواتها » التي جاوزت شهرة وتعداد وسمعة أندية عالمية.. ولقد ساهمت الإنجازات الباهرة للمنتخب الوطني في كأس العالم في قطر وفي الألعاب الأولمبية الأخيرة بباريس، إضافة إلى بروز مجموعة كبيرة من اللاعبين المغاربة المحترفين في أقوى الفرق الأوربية، في زيادة شعبية كرة القدم محليا، وفي اكتساب الكرة الوطنية لزخم عالمي، دون أن ننسى الشرف الكبير الذي حظيت به بلادنا عالميا، عبر نيل المغرب رسميا شرف احتضان تنظيم أقوى وأشهر المناسبات الكروية قاريا وعالميا.. وفي هذا الصدد، تتجند البلاد وتبذل أعلى الجهات الرسمية اليوم مجهودات كبيرة لتأهيل المغرب على صعيد توفير البنيات الأساسية اللازمة لإنجاح هذه التظاهرات الكبرى..
لكن، بالموازاة مع هذه النجاحات الباهرة والتحديات الكبرى، يبدو أن الشأن الكروي المحلي وبالتحديد مستوى البطولة الوطنية للأندية المحترفة، يعرف تراجعا أو على الأقل لا يسير بنفس سرعة الإنجازات الكروية التي تحققها المنتخبات الوطنية و« الديبلوماسية الرياضية » وإشعاع المغرب على الصعيدين القاري والدولي.
فمنذ افتتاح الموسم الجاري، يندهش المتتبع من تناسل الاحتجاجات الجماهيرية على تسيير الشأن الكروي المحلي، وبروز مشاكل كبيرة في تدبير العصبة الوطنية الاحترافية لشؤون كرة القدم، وكذا ظهور مشاكل في تسيير الفرق الوطنية المحترفة، الشيء الذي انعكس سلبا على الدوري الوطني لكرة القدم المحترفة، وصلت أصداؤها للإعلام الأجنبي.. هكذا أصبح الرأي العام الوطني يشتكي من ضعف الأداء وغياب الجماهير ورداءة الملاعب وانعدام المنافسة وتفاقم أخطاء التحكيم ومشاكل التنظيم ورداءة النقل التلفزي وبطء تأهيل الملاعب ومشاكل البرمجة، وأزمات الأندية على الصعيدين المالي والتدبيري..
فلقد لاحظ الجميع مؤخرا كثرة المواد الإعلامية التي تتحدث عن شبهات فساد في التحكيم، وارتفعت أصوات نقاد رياضيين مرموقين تطالب بالتحقيق فيها ( ما يعرف بقضية 15 مليون)، ويتداول المتتبعون ومعهم جماهير الكرة أخبارا عن انحياز الجهات الوصية على الكرة الوطنية لأندية بعينها، وعن غياب الشفافية في التسيير المالي والتدبيري لبعض الفرق الوطنية الممارسة في البطولة الاحترافية، هذا إضافة الى رفع الجماهير لافتات احتجاجية على الماسكين بمقاليد الشأن الكروي ومسيري الأجهزة الوصية على كرة القدم، وعلى الجهاز المنظم للبطولة الوطنية المحترفة تحديدا، متهمين هؤلاء بغياب الحكامة الجيدة وعدم احترام قواعد الشفافية وقوانين اللعبة، وعن انحياز مسؤولي الأجهزة الكروية لفرق بعينها، وعن ظلم تتعرض لها فرق أخرى تدعي جماهيرها أنها مستهدفة من طرف الماسكين بالقرار الكروي الوطني.
و يتهم المتتبعون وجماهير الكرة والإعلام السيد رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم بإهمال الشأن الكروي المحلي، كما يتم توجيه انتقادات لاذعة للمسؤولين عن التحكيم الذي يرتكب أخطاء فادحة ومؤثرة على نتائج المباريات.
ويتعرض السيد رئيس العصبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، كمسؤول أول عن الجهاز المنظم للبطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، لأشد الانتقادات سواء من الجماهير ووسائل الإعلام وبعض المسيرين والنقاد الرياضيين، متهمين إياه بانعدام الكفاءة، وضعف قدراته التواصلية، وبخرجاته الإعلامية غير المحسوبة، وباستغلال منصبه وصلاحياته لاستهداف أندية بعينها، ويقدمون امثلة على ذلك، ويشيرون الى مشكل البرمجة وتأهيل اللاعبين..
وفي هذا الصدد نتساءل: لماذا بقيت هذه القضايا حبيسة الإعلام ومواقع التواصل؟ لماذا لم تتدخل الأجهزة الرقابية الدستورية لفتح تحقيقات في الشبهات المتداولة؟ لماذا يمتنع البرلمان عن الخوض في مثل هكذا قضايا؟ لماذا تصمت قيادات الأحزاب السياسية عن فضائح التسيير الكارثي في كرة القدم الوطنية؟! أليس الشأن الكروي شأنا عاما؟ أليس تمويل أندية الكرة الوطنية والمنتخبات الوطنية مصدره في الغالب المال العام؟ هل يتناسون أن هذه اللعبة يتابعها بشغف ملايين الجماهير؟ هل السبب لامبالاة هؤلاء السياسيين أم تواطؤ بعضهم بل وتورط البعض الآخر؟ ألا يحرك فيهم مئات المواد الإعلامية عن شبهات فساد في الشأن الكروي شيئا؟ ألا يهتمون بالرأي العام الكروي الوطني الذي يطرح تساؤلات مهمة حول التمويل والتسيير والتسييس؟ ألا يأبهون بما يروج في الإعلام العربي والقاري من مقالات عن الشأن الكروي المغربي مسيئة لصورة بلد مقبل على تنظيم بطولات قارية وعالمية كبرى؟ هل أصبح بعض مسيري الشأن الكروي والقيمين عليه يحظون بسلطات تجعلهم فوق المحاسبة؟
لقد سبق للسيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم أن صرح بضرورة إصلاح عميق للأجهزة الكروية المغربية، ولكن يبدو أن هذا الكلام لم يكن إلا شعارا دون إجراءات حقيقية ملموسة، ذلك أن أغلب الباحثين المهتمين بالشأن الكروي يعتقدون أن اقتحام أعيان السياسة للشأن الكروي لجني أرباح سياسية جزء كبير من المشكلة، فكيف يمكن مثلا لمن فشل في تأهيل مدينة صغيرة أن يطور كرة القدم الوطنية كما تساءلت جماهير الكرة؟! وكيف لمن أفسد الحقل السياسي أن يصلح الشأن الرياضي؟
إننا ندعو الى التدخل العاجل لإنقاذ كرة القدم الوطنية، وإعادة تأهيل المؤسسات الرياضية الوطنية والأندية الوطنية، وذلك بضرورة إعمال قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة، والى التحلي بالجدية وخضوع الشأن الكروي الى مراقبة الجهات الوصية ومؤسسات الرقابة الدستورية، وإلى إعمال قواعد الديمقراطية والشفافية المالية والتدبيرية كما هي متعارف عليها في كل المؤسسات الكروية والبطولات الاحترافية الناجحة.
كما أن من الواجب أن تسند المسؤوليات بمنطق الكفاءة والاستحقاق والنزاهة والنضج والمسؤولية والجدية، وأن يتم قطع الطريق على الوصوليين والفاسدين وعديمي الكفاءة، ويجب إعادة الاعتبار لأبناء الميدان من قدماء اللاعبين ومن ذوي الاختصاص الإداري والمالي والقانوني.. وهذه الطاقات النزيهة الشريفة موجودة، لكنها تتعرض للإقصاء والتهميش الممنهج من طرف من سقطوا سهوا على المجال، جاعلين منه سلما سهلا للترقي السياسي والمادي والانتخابي.
نــيــشــان H24
- ترامب يقول إنه ملتزم بـ”شراء” غزة ويستعد لمحادثات مع زعماء عرب
- شركة سويسرية تخطط لمشروع “وقود شمسي” في المغرب بمليار دولار
- لصوص أحدثوا ثقبا في مرحاض لسرقة وكالة لتحويل الأموال بسيدي إسماعيل
- توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين
- إسبانيا ترى في المغرب منافسها الأول في صناعة السيارات
- ترامب يهدد وينزع أقنعة الغرب
- في ظل الغلاء.. المغرب يدرس فتح أسواق جديدة للفواكه والخضروات في آسيا
- لوموند: هكذا ستغير الطائرات المسيرة التركية صناعة الدفاع في المغرب
- قبل رمضان.. الدريوش تبرر غلاء الأسماك وتطمئن المستهلكين
- اتهامات بسوء التسيير تلاحق رئيس مجلس جماعة فاس