يعتبر المغرب بلدا فلاحيا، ويحتل منذ سنوات مراتب متقدمة عالميا من حيث تصدير الطماطم، حسب مكتب الإحصاءات التابع لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة (المرتبة الرابعة عالميا في السنوات الأخيرة بعد إسبانيا وهولندا والبرازيل).
وتعرف صادرات المغرب من الطماطم ارتفاعا ملحوظا، حيث انتقلت من 443.81 مليون كيلوغرام في 2012 إلى أكثر من 645 مليون كيلوغرام في عام 2022.
جدير بالذكر أن المغرب يستورد بذور الطماطم من الخارج، حيث يستورد أكثر من 80% من إسرائيل قبل التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني (لا أدري نسبة الاستيراد بعد التطبيع)، والباقي من الاتحاد الأوروبي.
ويبلغ ثمن البذور المستوردة ما بين 2000 و3000 درهم ل10 غرام فقط (un petit sachet)، أي ما بين 20 و30 مليون سم للكيلو.. وقد يصل الثمن إلى أكثر من 40 أو 50 مليون للكيلو حسب نوع البذرة (بذور مطيشة تنافس الذهب، الذي يساوي سعر الكيلو 24 عيار حوالي 60 مليون سم).
وهنا نطرح السؤال التالي :
ما الفائدة من البحث العلمي وكل الأموال الطائلة التي يتم صرفها في هذا المجال، إذا كان المغرب غير قادر على إنتاج وتطوير بذرة الطماطم ؟
لن أتكلم عن عدد المختبرات في المغرب ولا عن عدد المؤسسات والمعاهد العلمية، ولا عن عدد الأطروحات والمقالات العلمية، ولا عن المبلغ الإجمالي من الأموال التي يتم صرفه في البحث العلمي، ولا عن عدد الباحثين والأساتذة الباحثين في مجال الزراعة والمجالات ذات الصلة (علم الوراثة…)، و.. و…
لن أتكلم عن كل ذلك، ولكن أذَكّر فقط بأن المغرب أطلق ما يسمى بالمخطط الأخضر 2008-2020، وهو برنامج يحدد السياسة الزراعية للمغرب. أَطلقه وأشرف عليه وزير الزراعة آنذاك الملياردير عزيز أخنوش عام 2008. وفي عام 2020، بدأ تنفيذ برنامج التنمية الزراعية الجديد، خطة الجيل الأخضر 2020-2030، دائما بقيادة عزيز أخنوش. وقد خُصص لذلك ميزانيات طائلة، يُثبت الواقع أنها لم تعد بالنفع على المواطنين والفلاحين الصغار، بل تضرروا كثيرا بعد أن استفاد منها كبار الفلاحين.
وأشير كذلك إلى أن المغرب يتوفر على المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA). وهي مؤسسة عمومية أُنشأت عام 1914 مع خلق أولى المصالح البحثية الرسمية في المجال الزراعي. ويتولى المعهد الوطني للبحث الزراعي مهمة إجراء الأبحاث من أجل التنمية الزراعية.. وقد خضع مؤخرا لإعادة تنظيم هيكلية تهدف إلى تحديث عملية إدارته (!).
ويعمل المعهد الوطني للبحث الزراعي من خلال عشرة مراكز إقليمية للبحوث الزراعية وثلاثة وعشرين ضيعة تجارب موزعة على الصعيد الوطني وتغطي مختلف النظم الزراعية في البلاد. وهي تجرى في ثلاثين وحدة بحثية تستضيفها المراكز الجهوية، ويشرف عليها مركزيا عشرة أقسام علمية ذات طابع تنظيمي. ولإنجاز مهمته، و مسايرة المستجدات العلمية، يحرص المعهد على المحافظة على ربط علاقات شراكة مع المنظمات الوطنية والدولية، ومنظمات التنمية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
تخيلوا معي.. كل هذا والمغرب غير قادر على إنتاج بذرة الطماطم… التي يستوردها من إسرائيل.