مازالت تصريحات عبد الله اليملاحي، رئيس جمعية الأفوكادو المغربية، حول زيادة إنتاج هذه الثمرة المستنزفة للمياه، محط نقاش واسع بين المغاربة. خاصة وأن هذه التصريحات جاءت بعد الخطاب الملكي الذي خصصه عاهل البلاد كاملا لحالة الطوارئ المائية التي يشهدها المغرب.
التصدير المربح على حساب الموارد الوطنية
المثير للجدل في تصريحات اليملاحي أنه تحدث عن “آفاق جيدة للموسم القادم”، وأن الإنتاج سينتقل من60 ألف طن
إلى إنتاج يترواح بين 80 و90 ألف طن. وبلغة الأرقام فإن ما بين 800 و 2000 لتر من الماء تُصدر في كل كيلوغرام من “لافوكا”
حوالي 10 آلاف هكتار، هي المساحة المخصصة لزراعة وإنتاج الافوكادو، ودرت على المغرب مايفوق 180 مليار سنتيم.
إنه “الذهب الأخضر”، كما يصفه كبار منتجيه ومصدريه، جعل المغرب يحتل المرتبة الثالثة كأكبر مصدر في القارة الأفريقية. فجودة فاكهة الأفوكا المغربية تضاهي نظيرتها الإسبانية، ما يفتح أمام هؤلاء أبواب فرص جديدة وجيدة للتصدير إلى السوق الأروبية.
وما يجذب العملاء الأوروبيين خاصة من هولندا وفرنسا والمملكة المتحدة، للمغرب كمورد لهذه الفاكهة، هو القرب الجغرافي حيث إن أربعة أيام كافية لنقلها. أفوكادو بجودة عالية وتكاليف أقل، إنها الصفقة “المربحة” التي يطمح إليها كبار المنتجين والمستثمرين. لكن ما الذي يجنيه المغاربة من وراء هذه الصفقة؟
الصمت الحكومي والقلق البيئي
ورغم محاولات “نيشان” التواصل مع عدد من النواب البرلمانيين لأخذ رأيهم في الجدل القائم، إلا أن الهواتف ظلت ترن دون إجابة. وعموما، فقد سبق لنواب برلمانيين من المعارضة أن وجهوا أسئلة كتابية وأخرى شفوية، إلى وزير الفلاحة محمد الصديقي، حول استنزاف الفرشات المائية بزراعة الأفوكادو.
جواب الوزير، كما العادة، هو الإنكار، حيث صرح بأن الأفوكادو ليست السبب وراء استنزاف الفرشة المائية، وأن السبب الحقيقي هو التغيرات المناخية وقلة التساقطات المطرية. بدوره أنكر نزار بركة وزير التجهيز والماء، تورط الحكومة في هذا الاستنزاف، مؤكدا أن الوزارة راجعت الاستثمارات لتتوافق مع العرض المائي، بل حتى وقف دعم الحكومة للزراعات المستنزفة للماء وعلى رأسها الأفوكادو.
تحذيرات الخبراء: مخاطر لا يمكن تجاهلها
وفي وقت غابت فيه ردود أفعال النخب السياسية المفروض فيها الدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين، انتفضت عدد من جمعيات حماية البيئة، التي تتابع عن كثب وبترقب كل مايخص الإجهاد المائي في البلاد.
في هذا السياق، قال نجيب بحسينة، الخبير البيئي ورئيس جمعية إكولوجيا للتربية البيئية، إن زراعة الأفوكادو تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، تصل إلى 1200 ملم سنويا. “هذا الاستهلاك المائي المرتفع يثير القلق في بلد يعاني بالفعل من نقص الموارد المائية بسبب تغير المناخ والنمو السكاني”، يقول بحسينة.
التكلفة البيئية الباهظة لزراعة الأفوكادو
إن كل هكتار مزروع بأشجار الأفوكادو يستهلك 100 ألف لتر من المياه المروية يوميا، وتتطلب السقي على مدار العام. كما إن بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أظهرت أن المساحة التي يخصصها المغرب لزراعة الأفوكادو ارتفعت من 1900 هكتار سنة 2010 إلى 10 آلاف هكتار في السنة الجارية.
وفضلا عن استنزاف المياه، قد تتسبب زراعة “لافوكا” في فقدان التنوع البيولوجي وتدمير المواطن الطبيعية. ليس ذلك فحسب، بل أن هاته الزراعة قد تؤثر على المجتمعات المحلية، بتغيير استخدام الأراضي من زراعة المحاصيل الغذائية الأساسية إلى زراعة الأفوكادو. كما إن زيادة الطلب على الأفوكادو قد يؤدي إلى استخدام كميات كبيرة من المبيدات والأسمدة الكيماوية التي تضر بالتربة.
وعلى الرغم من أن زراعة الأفوكادو قد تكون مربحة، إلا أن الأسعار العالمية دائمة التقلب، مما قد يعرض منتجي “لافوكا” في المغرب لخسائر مالية في حالة انهيار الأسعار، لن يدفع ثمنها في النهاية سواء الحلقة الأضعف، المواطن المغربي.