عاصفة “دانا” التي ضربت فالنسيا ومناطق أخرى في إسبانيا وتسببت في وفاة ما لا يقل عن 72 شخصًا لحد الساعة، أدت أيضًا إلى تداول موجة من الإشاعات والمعلومات المضللة التي وجدت صدى لها في وسائل التواصل الاجتماعي.
نظريات المؤامرة، وادعاءات حول حدوث تسونامي وانقطاع المياه أو شائعات عن تضرر البنية التحتية قد انتشرت بلا ضوابط، تقول المحطة الإذاعية “كاديناسير” في تقرير عن هذا الموضوع.
واحدة من أكثر الإشاعات لفتًا للنظر تشير إلى أن دانا في فالنسيا هي “هجوم جوي HAARP” منظم من المغرب. و برنامج “HAARP”، هو مشروع بحث علمي أمريكي لدراسة الأيونوسفير باستخدام إشارات الراديو، لكنه لا يمتلك القدرة على تغيير الطقس.
الأيونوسفير هي طبقة من الغلاف الجوي تقع بعيدًا بحيث لا يمكن لهذه الإشارات أن تؤثر على مناخ الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطاقة المنبعثة من “HAARP” غير كافية للتسبب في تغييرات جوية ذات شأن.
وأوضح مارك أموروس، الصحفي المتخصص في الإشاعات والتضليل الإعلامي والمتعاون الدائم مع برنامج “لا فينتانا”: “HAARP هو اختصار لبرنامج بحث في الشفق النشط عالي التردد. وهو مشروع يبحث في الأيونوسفير، وهي طبقة عليا فوق الغلاف الجوي الأرضي، وللقيام بذلك يرسلون إشارات راديو. نظرية المؤامرة التي تغذي هذه الموجة من التضليل تدعي أن هذه الإشارات يمكن أن تتلاعب بالطقس، ومن هذه النظرية ظهرت الأخبار الكاذبة التي انتشرت كالنار في الهشيم والتي تزعم أن عاصفة “دانا” التي ضربت فالنسيا هي هجوم جوي مصنوع من قبل المغرب للإضرار بمنافسيه الزراعيين الإسبان عبر هذا المشروع”.
وأضاف أموروس: “هذا غير صحيح، بالتأكيد. مشروع HAARP موجود، لكن إشارات الراديو التي يتم إرسالها إلى الأيونوسفير لا يمكنها بأي حال من الأحوال التحكم في الطقس؛ إذ يتطلب ذلك طاقة أكبر بكثير. إنها إشاعة تم تداولها منذ وقت طويل مع أحداث جوية أخرى”.
إشاعة أخرى ظهرت تحمّل المسؤولية لحكومة بيدرو سانشيز لإزالتها أربعة سدود في إقليم فالنسيا، مما يوحي بأن هذا الفعل هو الذي تسبب في الفيضانات. وهذا غير صحيح أيضًا لأن البنى التحتية التي أزيلت كانت سدود صغيرة وسدود غير مستخدمة، وفقًا لسجلات وزارة التحول البيئي. إضافة إلى ذلك، فإن الوثائق الخاصة بإزالة هذه البنى التحتية قد صدرت قبل الإدارة الحالية.
كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي شائعة حول انقطاع طويل للمياه بسبب خلل في قناة رئيسية. ورغم أن بعض بلدات المنطقة قد عانت من انقطاعات في المياه بسبب الأضرار التي لحقت بالأنابيب، لم يعلن مجلس بلدية فالنسيا عن انقطاع عام.
وحذر الصحفي العلمي خافيير غيريرو أيضًا من أهمية التوعية لمكافحة الإشاعات: “نعود مرة أخرى إلى التعليم والتوعية، أعتقد أن التوعية العلمية مهمة، ومن المهم وجود وسائل إعلام صادقة لا تنقل هذا النوع من الإشاعات”.
وأكد غيريرو أيضًا على تأثير التغير المناخي على ظواهر مثل “دانا”: ” إنه أمر مقلق أن يُفسح المجال لهذه المعلومات بدلًا من إفساح المجال للمعلومات العلمية التي نفتقدها. هذه مأساة متوقعة منذ أشهر. لقد تحدث علماء من “ناسا” كانوا يقولون منذ مارس وأبريل ومايو: مع الأرقام القياسية للحرارة في البحر المتوسط والأطلسي، كمية بخار الماء في شبه الجزيرة الإيبيرية هائلة. كان من المتوقع أن يحدث مثل هذا الظاهرة، فهي ليست أمرًا طبيعيًا، نحن نعززها بتغير المناخ”.
مع اقتراب القمة المناخية المقبلة، أشار غيريرو إلى أن “انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون تستمر في الارتفاع بعد عشر سنوات من اتفاقية باريس و30 عامًا بعد بروتوكول كيوتو، ونحن نحرق الوقود الأحفوري بكميات غير مسبوقة”. وتساءل أيضًا: “لماذا لا تتخذ أي حكومة تدابير لمكافحة ذلك؟”.
أكد إرنستو رودريغيز، رئيس الجمعية الإسبانية للأرصاد الجوية، على الارتباط بين تغير المناخ وزيادة الحوادث مثل دانا: “حوادث الأمطار الغزيرة، التي قد ترتبط بظواهر مثل دانا أو غيرها، تحدث بوتيرة متزايدة. هذا، للأسف، يتعلق بزيادة نشاط الدورة الهيدرولوجية. مع هذا التغير المناخي، نحن نفاقم هذه الدورة الهيدرولوجية؛ لدينا المزيد من التبخر وهطول أمطار أكثر كثافة”.
(عن محطة “كاديناسير”)