بالتزامن مع إدخال تعديلات على المواد المتعلقة بالخبراء القضائيين ضمن مشروع قانون المسطرة المدنية، يتجدد النقاش حول الملف المطلبي لهذه الفئة الحيوية داخل المنظومة القضائية.
في هذا السياق، وجه النائب البرلماني محمد صباري عن فريق الأصالة والمعاصرة سؤالا كتابيا إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، تناول فيه “الإشكالات التي تواجه الخبراء القضائيين ومستجدات الحوار مع هذه الفئة”.
وأشار النائب في سؤاله إلى أهمية الخبراء القضائيين باعتبارهم جزءاً أساسيا من مساعدي القضاء، مبرزاً أن التحديات المرتبطة بعملهم تعيق تقديم خدمات فعّالة تُساهم في تحقيق العدالة .
النائب طالب الوزير بتوضيح طبيعة العراقيل التي تواجه هذه الفئة في أداء مهامها، مع تسليط الضوء على “نتائج الحوار القائم مع ممثلي الخبراء القضائيين”، لا سيما في ظل المطالب المتكررة لتحسين أوضاعهم المهنية والتشريعية.
ويأتي هذا السؤال ايضا في سياق إدخال تعديلات أخرى على مواد أساسية في القانون الحالي المتعلق بالخبراء القضائيين، منها المواد 4، 6، 19، و20. ومن المتوقع أن تركز هذه التعديلات على “إعادة تنظيم شروط مزاولة المهنة، الانتساب إلى جدول الخبراء، تعزيز آليات الرقابة، وضمان التكوين المستمر للخبراء القضائيين”.
وفقاً لمعطيات من تقارير مهنية وتصريحات سابقة لفاعلين في الميدان، تعاني هذه الفئة من عدة مشاكل، أبرزها التعويضات غير الكافية التي لا تتناسب مع الجهود المبذولة ، غياب إطار قانوني واضح ينظم شروط العمل ويضمن الحماية القانونية، بالاضافة الى ضعف التكوين المستمر، مما يؤثر على جودة الخبرة المقدمة للمحاكم.
وتؤكد مصادر مهنية أن التعديلات المرتقبة تشكل فرصة لإصلاح شامل يُعيد الاعتبار لدور الخبراء القضائيين، خاصة في ظل تزايد الحاجة إلى خبراتهم في القضايا ذات الطابع التقني والمالي. ويتطلع الخبراء إلى تفعيل توصيات سابقة، تشمل ، رفع مستوى الأتعاب بما يتناسب مع طبيعة المهام ، إدماج الخبراء ضمن منظومة حماية اجتماعية وضريبية مناسبة، ثم إشراك المهنيين في صياغة القوانين والتعديلات ذات الصلة.
وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد صرح في شهر ماي الماضي بأن “الخبرة إشكال كبير داخل العملية القضائية”، مشيراً إلى أن “الصورة السلبية للقضاء في بعض الملفات والقضايا غالباً ما يكون مصدرها الخبرة التي استند إليها القاضي في إصدار الحكم”.
ودعا الوزير، خلال مناقشة مواد الخبرة في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، إلى تبني صرامة أكبر في التعامل مع الخبراء، موضحاً أن “الأمور وصلت إلى مستويات غير مقبولة في بعض الملفات”. وقدم مثالاً بخبرة أُنجزت في مدينة سيدي بنور، حيث قُيمت قيمة عقار بمبلغ 200 مليون درهم للمتر المربع، وهو ما يفوق بكثير أسعار العقارات في كبرى المدن العالمية، قائلاً بسخرية: “في مانهاتن وطوكيو لا تصل الأسعار إلى هذا الرقم”.
وأكد وهبي أنه لن يتسامح مع مثل هذه الممارسات، مشدداً على ضرورة وقفها. كما أشار إلى توسيع مجالات التنافي في القانون الجديد لحماية المتقاضين وضمان نزاهة الخبرة، مضيفاً: “الخبرة تنجز لتحقيق العدالة وليست لصالح أشخاص بعينهم، وكل من ثبت في حقه شيء لن يفلت”.