رغم كونها مسقط رأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لا تزال تافراوت تعاني من تهميش تنموي صارخ، في مفارقة تثير استياء الساكنة المحلية والمستثمرين، خاصة في القطاع السياحي. فبالرغم من الإمكانات الطبيعية والسياحية الفريدة التي تزخر بها المنطقة، تظل السياسات الحكومية غير متوازنة، حيث تتركز الاستثمارات الكبرى في المدن الكبرى، بينما تبقى المناطق الجبلية والصحراوية خارج دائرة الأولويات.
التخييم العشوائي..فوضى تهدد البيئة
في غياب تخطيط سياحي محكم، تفاقمت ظاهرة التخييم العشوائي في تافراوت، حيث ينصب الزوار خيامهم أو يوقفون مركباتهم السكنية في أماكن غير مهيأة، مما يضر بالبيئة ويؤثر سلبًا على المستثمرين المحليين. في هذا الصدد، يقول حسن أيت بيهي، صاحب مشروع مخيم سياحي: “نعاني من منافسة غير عادلة، فبينما نلتزم بالمعايير القانونية والاستثمارية، نجد أن التخييم العشوائي يستهلك الموارد دون أي تنظيم أو ضوابط. هذا الوضع يحد من إمكانيات تطوير السياحة الجبلية ويؤثر على صورة المنطقة”.
وتفاقمت المشكلة بسبب غياب مرافق معالجة النفايات والتجهيزات الصحية، مما يجعل بعض المواقع الطبيعية عرضة للتلوث. في السياق ذاته، يؤكد محمد أوسعد، مالك نزل جبلي في تافراوت، أن “البنية التحتية الضعيفة تعيق تطور القطاع السياحي. الطرقات مهترئة والخدمات الأساسية شبه منعدمة، ما يدفع السياح للتردد في العودة إلى المنطقة رغم جمالها الطبيعي وتنوعها البيئي والثقافي”.
تهميش رغم الإمكانات وانتقادات للحكومة
خلال جلسة المساءلة الشهرية الأخيرة بمجلس النواب، واجه رئيس الحكومة عزيز أخنوش انتقادات حادة من طرف المعارضة، التي استنكرت استمرار تهميش المناطق النائية، ومنها تافراوت، رغم كونها مسقط رأسه. واعتبر نواب معارضون أن الحكومة تنتهج سياسات غير متوازنة تعمّق الفوارق المجالية بدل معالجتها، حيث تتركز الاستثمارات في مدن معينة، بينما تعاني المناطق الجبلية من غياب مشاريع تنموية حقيقية.
وأشار المتدخلون إلى أن غياب رؤية حكومية واضحة لتحقيق التنمية في هذه المناطق لا يفاقم فقط الأوضاع المعيشية للساكنة، بل يعرقل أيضاً جهود الفاعلين السياحيين المحليين الذين يحاولون الاستثمار في المؤهلات الطبيعية والثقافية للمنطقة دون دعم حكومي كافٍ.
وفي هذا السياق، يقول عبد الرحيم مستعين، وهو مرشد سياحي محلي: “نسمع الكثير عن استراتيجيات لدعم السياحة الجبلية، لكن على أرض الواقع لا شيء يتغير. الطرق غير مؤهلة، والخدمات ضعيفة، ولا توجد تحفيزات حقيقية للمشاريع الصغيرة التي يمكن أن تحرك الاقتصاد المحلي”.
مشاريع مجمدة وواقع تنموي مُهمل
ورغم الوعود الحكومية المتكررة بتنمية السياحة في تافراوت، فإن الواقع يظهر عكس ذلك. يقول عبد الحميد، أحد سكان المنطقة: “سمعنا عن مشاريع كثيرة، لكن لا شيء يتحقق. مشروع إنشاء مخيم سياحي مجهز ظل حبيس الأدراج بسبب العراقيل الإدارية، والطرقات المؤدية إلى المعالم السياحية غير مؤهلة لاستقبال الزوار، ما يزيد من عزلة المنطقة”.
وفي ظل هذا الوضع، حاولت بعض الجمعيات المحلية إطلاق مبادرات لحماية البيئة وتعزيز السياحة المستدامة، مثل حملة “كرز إيدانك” التي تهدف إلى التوعية بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من الفوضى السياحية. لكن هذه الجهود تصطدم بضعف الدعم الرسمي، مما يجعل تأثيرها محدودا.
ومع تصاعد المطالب بتنمية حقيقية، تتساءل الساكنة حول ما اذا كانت المنطقة ستشهد يوما ما نهضة حقيقية، أم أن وعود التنمية ستبقى مجرد شعارات.