في محاولة لتدارك أزمة بيئية متفاقمة بفعل التهاون في المراقبة وتطبيق القوانين، أعلنت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بالقنيطرة (RAK) عن طلب عروض لجمع ونقل “المرجان” الناتج عن معاصر الزيتون بجهة الغرب.
وكشفت وثائق حصل عليها موقع “نيشان” عن تكاليف باهظة ستتحملها الوكالة نتيجة هذا التراخي، حيث خصصت مبلغًا يتجاوز 2.3 مليون درهم لجمع ونقل المرجان من محطات التطهير السائل.
واعتبرت فعاليات جمعوية ومدنية أن هذا الإجراء جاء متأخرًا لمعالجة مشكلة كان من الممكن تفاديها لو تم تطبيق المراقبة بشكل صارم منذ البداية، مما يعكس غياب التخطيط السليم والاستباقية في مواجهة هذه الكارثة البيئية. وفق تعبيرهم
وتشكل مادة “المرجان”، التي تخلفها وحدات عصر الزيتون وتحويله في مختلف مناطق المغرب، خطرًا حقيقيًا على البيئة، إذ تتسبب في تلويث واسع للأرض والمجال بشكل عام، والموارد المائية بشكل خاص. ويؤدي التخلص العشوائي من هذه المادة في الطبيعة إلى تلويث الفرشة المائية ومجاري المياه والسدود، مما يساهم في القضاء على الكائنات الحية، خصوصًا الأسماك والطحالب، نتيجة تدهور جودة المياه.
وبالإضافة إلى تعقيد معالجة عصارة “المرجان” مقارنة بالمياه العادمة، يرى النشطاء البيئيون أن هناك أدلة على سُمّية هذه المادة التي تطلقها معاصر الزيتون، حيث تتسبب في قتل طيف واسع من الكائنات الحية اللازمة لتوازن المياه.
وفي عام 2020، تم توقيع اتفاقية شراكة بين مختلف الفاعلين (وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، ووزارة الاقتصاد والمالية) لدعم جهود مكافحة التلوث الناجم عن “المرجان”. كما تم إعداد مشروع مرسوم يتعلق بانتشار مادة المرجان “l’épandage des margines”، بالتنسيق مع الوزارات المعنية. غير أن هذا المشروع لم ير النور حتى الآن.
وسبق للمنظمة المغربية لحقوق الانسان، التنبيه عام 2022، إلى معاناة ساكنة جماعة “سيدي قاسم” من تلوث مياه واد الردم الذي يعد أهم مصدر مياه للحيوانات والأراضي الخصبة في المنطقة، بسبب التخلص العشوائي من مادة المرجان في مجراه من طرف معاصر الزيتون المجاورة للوادي الكائنة خارج إقليم سيدي قاسم”
واستغرب المصدر ذاته ضمن مراسلة موجهة الى وزير الفلاحة محمد الصديقي ” الغياب التام لآلية المراقبة والتتبع لشرطة المياه والشرطة البيئية”، مؤكدا أن “هذه المادة السامة” المنبعثة من معاصر الزيتون، تسببت في مشاكل بيئية كثيرة، حيث تلونت مياه الوادي بالسواد وأصبحت تكسوها رغوة بيضاء بسبب نفايات المعامل التي تصب في الوادي دون معالجة.