لا زال الجدل مستمرا حول “تفاصيل اتفاقية الصلح” التي أبرمها “مجلس المنافسة” العام الماضي، مع تسع شركات نشطة في سوق تموين وتخزين وتوزيع الغاز والبنزين، والمنظمة المهنية الخاصة بها.
و على الرغم من فرض “المجلس” على تلك الشركات، غرامات مالية وصلت قيمتها إلى حوالي 180 مليار سنتيم، بسبب ما اعتبره مخالفات لـ “قواعد المنافسة”، إلا أن المجلس لم يكشف الى غاية الآن، عن حجم الأرباح غير القانونية التي تم تحقيقها، والتي تقدرها النقابات المهنية بملايير الدراهم، كما لم يكشف عن أية تفاصيل تخص أسماء هاته الشركات وطبيعتها وهوياتها.
ضمن هذا الاطار، واستمرارا لنفس الموقف، رفض مجلس المنافسة طلبا وجهه اليه مواطن مغربي من أجل “الاطلاع على حيثيات اتفاقية المصالحة”، حيث اعتبر المجلس “أن المعلومات التي تخص هاته الأخيرة “مشمولة بالسرية”.
وجاء في جواب المجلس الذي يتوفر نيشان على نظير منه “أما بالنسبة لطلب المعلومات الواردة في مراسلاتكم المشار إليها أعلاه، فإنها تندرج، طبقا لمقتضيات المادة 16 من القانون رقم 20.13 كما تم تغييره وتتميمه، ضمن المعلومات المشمولة بسرية الأبحاث والتحقيق”.
وبرر المجلس رفضه أيضا “بكون هاته الاتفاقية تتضمن معلومات حساسة تهم أسرار الأعمال ومن شأن إفشائها المس بالمصالح المشروعة للمقاولات المعنية، وذلك طبقا لمقتضيات القانون رقم 104.12 السالف ذكره كما تم تغييره وتتميمه، وكذا المادة 7 من القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.”
من جانبه رفض “المواطن” المقيم في أكادير، والذي يتولى في ذات الآن منصب المسؤولية بالهيئة المغربية لحماية المال العام والشفافية، المبررات التي قدمها “مجلس رحو” في مراسلته الجوابية.
واعتبر “أن الامتناع عن الاستجابة، بكون المعلومات المطلوبة مشمولة بسرية الأبحاث والتحقيقيات هو تبرير “يخالف كليا ما جاء في مضمون بلاغ مجلس المنافسة والصادر بتاريخ 23 نونبر 2023، والتي تفيد اتخاذ المجلس قرارا بالتسوية التصالحية مع 9 شركات معنية بقطاع المحروقات وانتهاء التحقيقات والأبحاث في الملف”.
وأضاف المصدر ذاته ” أن إشارة المجلس الى كون المعطيات المطلوبة تتضمن معلومات حساسة وأسرار الاعمال، ومن شأنها المس بالمصالح المشروعة للمقاولات المعنية، فيه الكثير من المغالطة وغير مبني على أساس لكون المعلومات المطلوبة المحددة في 16 نقطة لا علاقة لها بأي أسرار للمقاولات ولا بنشاطه”.
وأوضح ذات المواطن في تعقيبه الذي يتوفر نيشان على نسخة منه، “أن طلبنا كان جد دقيق في هذا الشأن، وهو تزيودنا بـ “رقم الإحالة المسجل لدى مصالح المجلس وتاريخ تسجيلها”، و “نوعية الإحالة” و “رقم قرار المجلس وتاريخه” و “أسماء الشركات التسعة المعنية بالتسوية “التصالحية” و”نوعية نشاطها المعتمد من طرف الدولة حسب كل شركة ” و “أسماء الشركات التي أدت فعليا الغرامة وتاريخ ذلك”…وغيرها من المعلومات التي رفعت الى المجلس.
وكان مجلس المنافسة قد غرم، في نوفمبر من العام الماضي شركات المحروقات بما يناهز 180 مليار سنتيم، بسبب الإخلال بقواعد المنافسة.
وجاء القرار تبعا لمسطرة التحقيق التي باشرتها المصالح المختصة بالمجلس، إذ تم تبليغ مؤاخذات إلى تسع (9) شركات .
وأوضح المجلس في بلاغ، أن “الشركات المعنية ومنظمتها المهنية أبدت رغبتها في الاستفادة من المقتضيات المنصوص عليها في الإطار القانوني المذكور أعلاه، لاسيما مسطرة التسوية المنصوص عليها في المادة 37 من القانون رقم 104.12 كما تم تغييره وتتميمه.
ونصت اتفاقات التسوية المتوصل إليها بين الشركات والمجلس، على أداء مبلغ 1.840.410.426 درهم (مليار وثمان مائة وأربعون مليون وأربع مائة وعشرة آلاف وأربع مائة وست وعشرون درهما) كتسوية تصالحية بالنسبة لجميع الشركات المعنية ومنظمتها المهنية، والتزامها بمجموعة من التعهدات بخصوص تصرفاتها، قصد تحسين السير التنافسي لسوق المحروقات مستقبلا والوقاية من مخاطر المساس بالمنافسة لصالح المستهلك.