في الذكرى الأربعينية لرحيل محمد بنسعيد آيت يدر اخترنا في “نيشان” أن نقدم مقتطفات هامة من مذكراته التي صدرت عن مركز محمد بنسعيد آيت يدر للأبحاث والدراسات تحت عنوان “هكذا تكلم محمد بنسعيد” والذي القيادي اليساري والكاتب عبد الرحمان زكري، باعتبار الأحداث الهامة التي عايشها الراحل بنسعيد الذي عاشر ثلاثة ملوك، وكان في قلب الأحداث اللاهبة منذ الخمسينيات من القرن الماضي حتى وفاته،لعب دورا أساسيا في خلايا المقاومة وجيش التحرير، انخرط في حزب الاستقلال باكرا، وكان من أقطاب حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حكم عليه بالإعدام غيابيا وتعرض لأكثر من محاولة تصفية واغتيال، حتى تأسيسه لمنظمة 23 مارس وبعدها منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وصولا إلى الحزب الاشتراكي الموحد.. في مذكرات نصادف أحداثا ووقائع مفصلية في تاريخ المغرب المعاصر باستعادتها ومحاولة تجديد قراءتها فهم لواقعنا السياسي ولمسار أمة تطمح لحقها في الكرامة والتقدم والتنمية.
الحلقة التاسعة:
تلقيت حكما بالإعدام أنا والفقيه البصري وعمر بن جلون
سافرت سرا من الدار البيضاء إلى وجدة، ثم عبرت إلى وهران وبقيت هناك إلى غاية مارس 1963. كانت عودتي إلى المغرب بهدف واحد هو المواجهة أو على الأقل الحضور مع رفاقي في الجبهة. وقبل أن يقع ما وقع مما سمي ب”مؤامرة يوليوز 1963 ” عرفت عبر مصادري الخاصة بقرار الاعتقال.
كان الحسن الثاني سيسافر إلى باريس حين طلب منه الدليمي أن يسمح له بمباشرة الاعتقالات. إلا أن الملك طلب منه إرجاء ذلك حتى يعود من سفره.
أخبرت الفقيه البصري طالبا منه بإلحاح أن يغادر المغرب حتى لا تطاله يد البوليس. لكنه امتنع قائلا لي إن له اتصالات لا يمكنه أن يتركها ويخرج. وفعلا، ما إن عاد الحسن الثاني من فرنسا في السادس عشر من يوليوز حتى أصدر أوامره بشن حملة اعتقالات لم توفر أحدا، من الضالعين في العملية، كما من الأبرياء، وما كان أكثرهم. وقد تم استغلال اليوم الذي اختاره الاتحاد الوطني للقوات الشعبية للقيام بلقاءات وتجمعات في جميع أنحاء المغرب من أجل الدعوة إلى مقاطعة انتخابات المجالس البلدية.
وقع ما كنت أخشاه، إذ تم اعتقال الفقيه البصري وعمر بن جلون وحكم عليهما معا بالإعدام. ونظرا لأني كنت قد خرجت إلى الجزائر مرة ثانية، فقد كان مصيري مثل رفاقي وحكم علي أنا أيضا بالإعدام لكن بشكل غيابي.