هي حكومة يرأسها رجل أعمال هاجسه الربح، وملياردير يحتكر جزءًا مهمًا من سوق المحروقات في البلاد.
محروقات تمُص جيوب المغاربة، وتصنع ثروة اخنوش الذي حافظ وفق أحدث تصنيف لمجلة “فوربس” على مكانته كأغنى رجل في المغرب بثروة تقدر بـ1.7 مليار دولار.
لهذا السبب، فإن الرجل يعاني حالة مستفحلة من الفصام الذي يجعله غير مبال بنبض الشارع.
كما يجعله غير آبه بحالة الغليان والاحتقان التي بدأت تستشري في صفوف عموم المغاربة، بعد السعار الذي أصاب أثمنة عدد من المواد والسلع دفعة واحدة وبمستويات غير مسبوقة.
هذا الفصام انتقل على ما يبدو لباقي وزراء الحكومة ومعهم قيادات الأغلبية الحكومية.
لهذا السبب، نعاين جرعة جديدة من لغة الخشب من خلال تصريحات تربط الغلاء بالدولار والحرب الأوكرانية وشح التساقطات، كما يفعل عادة كل من يجلس في هذا المنصب.
أكاد أقول إن السي بركة ومعه وزير “التقاشر” ومن بعده لالة فاطمة المنصوري وبقية الشلة لم يعد يتجول بين الناس ويمشي في الأسواق ليرى السكتة القلبية التي توقعها حزبه.
أو يحس بالنار التي تكوي جيوب عموم المغاربة، بعد أن قفز سعر الدجاج لما فوق 28 درهمًا، وصعدت أسعار المحروقات للجبل. وهنا لن نتحدث عن “السي أخنوش”، مادام المستفيد الأول من هذا الوضع، وبالتالي لن نتوقع أن يتقمص دور محامي الشعب على حساب رصيده البنكي.
المفارقة أنه، وفي الوقت الذي تتصارع فيه شريحة واسعة من الشعب من أجل العيش بكرامة وضمان كسرة خبز، يخرج علينا مسؤولون يبتسمون أمام كاميرات التلفزيون، ويرشقون المغاربة بأرقام وتصريحات فاسدة ومنتهية الصلاحية.
تمامًا كما يفعل الناطق الرسمي “باسم رئيس الحكومة” حين يؤكد دون أن يرف له جفن بأن هذه الأخيرة “تعمل باستمرار على المحافظة على القدرة الشرائية للمغاربة، وتحسين ظروفهم المعيشية”؟؟
لطالما تعاملت الدولة بحساسية مفرطة مع الزيادات التي تمس المعيشة اليومية لعموم المغاربة، بل وتدخلت في أكثر من مرة لمعالجة أسبابها، بعد أن سخرت ممثلي السلطة في المدن من أجل جس نبض الشارع تُجاهها.
حدث هذا في الماضي، حين كانت وزارة الداخلية تتوجس من أن يقود الحديث عن الزيادات المتتالية إلى إحياء تنسيقيات مناهضة للغلاء وتدهور الخدمات العمومية، وبالتالي إذكاء جذوة الاحتجاجات ضد ارتفاع الأسعار.
هذا علمًا أن هذه التنسيقات لعبت دورًا مهمًا في التصدي لعدد من الإجراءات والقرارات الحكومية “لاشعبية” في عهد حكومة عباس الفاسي، وكذا ممارسات بعض شركات التدبير المفوض، لتختفي شهورًا قبل موجة الربيع العربي بعد أن نالت نصيبًا سخياً من الهراوة.
اليوم، تعتبر الحكومة نفسها غير معنية بالمطلق بما يحدث من استنزاف لجيوب المغاربة، بعد أن باعت لنا القرد على شكل وعود انتخابية، وهو أمر طبيعي بعد أن تم ترحيل الاحتجاج من الشوارع للهواتف النقالة، وصار بعض الحلايقية الذين يرتدون جبة الصحافة والمؤثرين يتولون دور التنفيس.
اليوم سيكون عسيرًا على المواطن البسيط أن يفهم كيف أن مادة أساسية كالزيت لم تعد لسعرها السابق رغم تراجع ثمن الصوجا والذرة عالميا، وكيف أن المحروقات صارت رخيصة في خمس قارات باستثناء المغرب.
كما سيكون عسيرًا عليه بلع الخطابات الداعية لعدم تبخيس دور المؤسسات، وهو يعاين كيف أن الحكومة، وكافة الأجهزة المتدخلة في عملية المراقبة والرقابة والزجر، تقف متفرجة أمام عمليات الاستنزاف التي يتعرض لها جيبه، لصالح من يسعون لكسب ربح سريع وسهل.
كنا نحذر حتى وقت قريب من أزمة الثقة في المؤسسات التي استفحلت ووصلت ذروتها بعد حراك الريف.
اليوم، نحذر المسؤولين من الإفراط في الثقة التي تجعلهم يتمادون كثيرًا في إنهاك المغاربة بسوء الخدمات والضرائب والغلاء .
للصبر حدود… فلا تختبروا صبر المغاربة …راكم عيقتو