تستمر هيمنة أنس الصفريوي على قطاع الأدوية بالمغرب، حيث أعلنت شركة “فارما كابيتال” عن صفقة استحواذ ضخمة تشمل ثلاث شركات رئيسية في السوق المحلي: “أفريك-فار”، و”فارميس”، و”بارتنر لاب”. بموجب هذه الصفقة، سيستحوذ الصفريوي على حصة 95.35% من “أفريك-فار”، و55% من “فارميس”، و4% من “بارتنر لاب”.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب سلسلة من الاستحواذات التي قام بها الملياردير أنس الصفريوي، صاحب مجموعة “الضحى”، والتي ستغير خريطة صناعة الأدوية في البلاد، خاصة وأن “أفريك-فار” تُعد من أبرز الشركات الوطنية في صناعة الأدوية، وحققت أرباحًا بقيمة 150 مليون درهم في 2023، مع توقعات مبيعات تصل إلى 700 مليون درهم هذا العام.
ورغم التحذيرات المتزايدة من تأثيرات استحواذ الشركات الكبرى على قطاع الأدوية، لم تأخذ الحكومة هذه المخاوف بجدية، بل واصلت تسهيل عمليات التفويت لصالح القطاع الخاص.
وأمام القلق الواسع حول مستقبل الأدوية الأساسية وإمكانية وصول المواطنين إلى علاجات بتكلفة معقولة، تبدو الحكومة مصرة على المضي في خوصصة القطاع الصحي، بما في ذلك قطاع الأدوية، ما يعزز مصالح المستثمرين ورؤوس الأموال على حساب حقوق المرضى وحاجات المواطنين الأساسية. ويشير مراقبون إلى أن هذا التوجه قد يضر بتوفر الأدوية الأساسية ويرفع أسعارها، في ظل غياب تشريعات حازمة تحد من آثار الخوصصة السلبية على الصحة العامة.
وعبر عزيز غالي، الصيدلاني ورئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في حديث لـ”نيشان”، عن مخاوفه من تأثير دخول رؤوس الأموال الكبيرة على الأدوية الأساسية التي يعتمد عليها المواطنون، مشيرًا إلى أن غياب سياسات حكومية فعّالة قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار أو حتى اختفاء الأدوية ذات التكلفة المنخفضة، وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا لحقوق المرضى.
وأضاف غالي أن هذه التحولات تحمل في طياتها آثارًا سلبية على الفئات الاجتماعية الهشة، خاصة مع تزايد المخاوف من احتكار لوبيات المال للقطاع الصحي، وهو ما قد يعزز توجه شركات الأدوية نحو تحقيق أرباح سريعة على حساب توفير أدوية ميسورة التكلفة للمواطنين.
وفي هذا السياق، تشهد السوق المغربية تحولات كبيرة، إذ أبرم منصف بلخياط ومولاي حفيظ العلمي عبر مجموعة “ديسلوغ” صفقة أخرى لشراء شركة “ستيري فارما”، بدعم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وهي خطوة أخرى تعزز مخاوف الخبراء والمهتمين بشأن مستقبل القطاع الصحي وقطاع الأدوية بشكل خاص.
يُذكر أن حكومة أخنوش، التي تروج لبرنامج التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، تواجه انتقادات حادة بشأن سياساتها، حيث وُجهت إليها اتهامات من المعارضة، وعلى رأسها حزب التقدم والاشتراكية، بالانحياز لدعم القطاع الخاص على حساب القطاع العام، وهو ما يعزز من سيطرة المال على قطاع الصحة، في وقت لا تزال فيه شريحة واسعة من المغاربة محرومة من التغطية الصحية الشاملة.