الوضع بالجامعة ليس على ما يرام. لماذا ؟
الوزير عز الدين ميداوي لا يختلف عن عبد اللطيف ميراوي ولا يختلف عن من سبقوه على رأس الوزارة في ما يتعلق بتطبيق وتنفيذ سياسة الدولة واختياراتها تجاه التعليم العالي، أساسا تهميش الجامعة العمومية وضبطها عبر مخزنتها و “طحن” الأستاذ الباحث ماديا ومعنويا وتشجيع القطاع الخاص.
الوزير الحالي منشغل منذ تعيينه إلى اليوم بتصفية تركة ميراوي وتعيين أصدقائه بالوزارة، في انتظار تصفية رؤساء الجامعات الذين عينهم الوزير ابن الفقيه بن صالح… نفس الممارسة قام بها ميراوي تجاه تركة امزازي، ونفس الشيء قام به أمزازي تجاه تركة الداودي وهكذا دواليك… كل الوزراء الذين تعاقبوا على تسيير قطاع التعليم العالي على مِلّة واحدة، يختلفون في طريقة مشيتهم وأسلوب كلامهم، ولكنهم يجتمعون في تطبيق وتنفيذ السياسة التعليمية للدولة، ويجتمعون أكثر حول نفس العقلية والتفاهات : “قطع لي نقطع لك” والنظرة إلى كعكة المناصب.
في المقابل، تتخبط الجامعة العمومية في عدد من المشاكل، ضمنها مشاكل الإصلاح البيداغوجي الهجين الذي جاء به ميراوي قسرا، وتعثّر ترقية السيدات والسادة الأساتذة الباحثين وسوء التسيير الإداري والتدبير المالي وتفشي الفساد وتغول وتسلط رؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات واستمرار متهمين بتبذير ميزانية الجامعة ونهب المال العام في المسؤولية، رغم ورود اسمائهم في تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للوزارة ورغم استنطاق بعضهم من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول شبهات فساد…
يقع كل هذا في الوقت الذي يُفترض فيه، بعد انتخاب المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي بتاريخ 17 نونبر الجاري، ان يكون هذا الأخير قد حسم في توزيع المهام، واختار من تتوفر فيه/ا مقومات القيادة، بعيدا عن إملاءات خارجية.. يقع كل هذا في الوقت الذي يجب فيه ان يكون المكتب الوطني قد وجه دعوة لاجتماع اللجنة الإدارية من أجل مناقشة والمصادقة على تحديد اولويات مرحلة ما بين المؤتمرَيْن، وتسطير خارطة طريق للنهوض بالجامعة العمومية والدفاع عنها، والرقيّ بكرامة الأستاذ الباحث ووضعيته المادية والمعنوية، والجواب على انتظارات ومطالب السيدات والسادة الأساتذة الباحثين، ضمنها تحسين الوضعية المادية (الضريبة على البحث العلمي، الأرقام الإستدلالية..) وحل كل الملفات العالقة، على رأسها ملف الاقدمية والدكتوراة الفرنسية، وتنفيذ واجرأة كل ما تم الاتفاق بشانه بين المكتب الوطني السابق والوزارة الوصية…
لا يُعقل، والوضع هكذا، أن يطول انتظار الاعلان عن تشكيلة المكتب الوطني، لا لشيء إلا لأن “جهة ما” لم تحسم بعد في اسم الكاتب الوطني… والحال هو ان يجتمع ال33 عضو/ة خلال الأسبوع الأول بعد تاريخ انتخابه، بصفتهم غير قاصرين ومستقلين، ليناقشوا ويتفقوا ويتوافقوا في ما بينهم حول من المؤهل/ة لقيادة هذه المرحلة ومن يتوفر فيه او تتوفر فيها مقومات الكاتب/ة الوطني/ة…. وفي حالة ما إذا لم يتم الاتفاق والتوافق، يحتكمون إلى التصويت بشكل ديمقراطي، طبقا للمادتين 2 و3 من القانون الأساسي للنقابة الوطنية للتعليم العالي… وإلا ما الفائدة من التنصيص على هاتين المادتين في القانون الأساسي إذا كان قرار الحسم في اسم الكاتب الوطني يتم اتخاذه خارج البيت، بشكل لا يليق بنخبة المجتمع وبتاريخ النقابة العالمة.