في سياق تصاعد الأصوات المنادية بفرض إجراءات وقائية صارمة على غرار ما شهده المغرب خلال جائحة كورونا، أصدرت كل من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، دورية مشتركة لمواجهة تفشي الأمراض المعدية، وعلى رأسها داء الحصبة (بوحمرون).
وجاء في الدورية التركيز على إجراء “الاستبعاد المدرسي” للتلاميذ المصابين بالأمراض المعدية كوسيلة فعالة لكبح انتقال العدوى داخل المؤسسات التعليمية، و ان يُطبق هذا الإجراء بناء على نتائج الفحوصات الطبية، مع مراعاة طبيعة المرض وخطورته وحالة التلميذ الصحية، بما يضمن حماية باقي التلاميذ وتسريع تعافي المصابين.
ورغم هذه الخطوة، تواجه الحكومة انتقادات واسعة بسبب ما اعتبره البعض “تحركا متأخرا وغير كاف” لاحتواء الأزمة المتفاقمة، وهي دورية جاءت في وقت سجلت فيه الإصابات ببوحمرون ارتفاعا مقلقا على المستوى الوطني. في هدا الصدد، يرى خبراء وفاعلون مدنيون أن التدابير المعلنة تفتقر إلى الحزم المطلوب، خصوصا مع تزايد المخاوف من تحول المدارس إلى بؤر لانتشار العدوى.
ويطالب العديد من الناشطين الجمعيات الحقوقية بإعلان حالة طوارئ صحية وفرض إجراءات وقائية أشد صرامة، بما يشمل حملات تطعيم واسعة النطاق ومراقبة صارمة للتجمعات المدرسية، وهو ما غاب عن خطة الحكومة الحالية.
ورغم إدراج إجراء “الاستبعاد المدرسي” للتلاميذ المصابين ضمن توصيات الدورية، يرى منتقدون أن هذا الإجراء يظل قاصراً عن معالجة الإشكالية الكبرى، حيث يغيب عنه التفعيل الميداني الواضح والخطط التنفيذية الشاملة. كما أن الاعتماد على الفحوصات الطبية دون توفير الموارد الكافية لإجرائها في الوقت المناسب يزيد من تعقيد الوضع، ما يهدد بانتشار أوسع للمرض داخل المؤسسات التعليمية.
من جهة أخرى، شددت الدورية على أهمية توعية التلاميذ وأولياء أمورهم بخطورة الأمراض المعدية، إلا أن المنتقدين أشاروا إلى أن الحكومة لم توفر حتى الآن برامج توعية موسعة وشاملة تستهدف الفئات الأكثر عرضة للعدوى. ويعتبر غياب التنسيق الفعلي بين وزارتي الصحة والتعليم، وضعف الاستثمار في الأطر الطبية وشبه الطبية، عائقا إضافيا أمام تنفيذ التدابير الوقائية بشكل فعال.
واستحضر المنتقدون التجربة الناجحة التي أبان عنها المغرب خلال جائحة كورونا، حيث تم اتخاذ قرارات حاسمة تضمنت فرض قيود مشددة، وإطلاق حملات تطعيم وطنية، ومراقبة صارمة للتجمعات. ويرى هؤلاء أن تهاون الحكومة الحالية في تكرار هذا النموذج يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لوضع صحة التلاميذ في مقدمة الأولويات.