وافق البنك الدولي أمس على قرض بقيمة 600 مليون دولار سيُسلم للمغرب بداعي تعزيز الحكامة في بلد يلتهم فيه الفساد 5 في المائة من الناتج الخام،أي ما يعادل 5 ملايير دولار سنويا.
هذا القرض يُعد واحدا ضمن سلسلة من القروض الثقيلة التي مدت حكومة عزيز اخنوش يدها إليها، حيث يتم الإعلان وبشكل شبه أسبوعي عن قروض بعشرات بمئات ملايين الدولارات من مقرضين مختلفين على رأسهم البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية.
يأتي ذلك في تجاهل تم للتحذيرات التي صدرت عن عدد من الهيئات من خطر جر البلاد لمستنقع الديون من طرف الحكومة التي تجد صعوبات متفاقمة في ايجاد التمويلات اللازمة لمشروع الحماية الاجتماعية، ومشاريع البنية التحية المرتبطة بكأس العالم، والتي فرضت اللجوء لتسريع وثيرة بيع المرافق العمومية وعلى رأسها المستشفيات العمومية.
وكان مرصد العمل الحكومي قد بعث بتحذير صريح من من أن حكومة عزيز أخنوش سترهن الاستقلالية المالية للبلاد، بسبب المستويات المرتفعة والمقلقة للديون والتي باتت تتجاوز 70في المائة من الناتج الداخلي الخام، داعيا إلى إصلاح عميق لقانون المالية.
ودعا المرصد في تقريره المعنون بـ” رصد حصيلة الحكومة خلال نصف ولايتها”، الحكومة إلى تخفيف الضغط على المالية العمومية والرفع من مستويات إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية المتوافقة مع أهداف وتوجهات النموذج التنموي الجديد، وخاصة تلك المتعلقة بمضاعفة الاستثمار الخاص ليصل إلى ثلثي نسبة الاستثمار.
كما دعا المرصد ذاته، الحكومة إلى تبني الإجراءات الاستشرافية للأزمات الاقتصادية المحتملة، وانعكاساتها الاجتماعية المؤلمة، خاصة في ظل استمرار وضعية اللايقين الاقتصادي على المستوى العالمي واستمرار موجة الجفاف التي تحولت إلى معطى بنيوي بالمغرب، وعدم الاستمرار في التوجهات الحالية التي أبانت عليها الحكومة في تدبير الأزمات الحالية، عبر التدخل المتأخر لحل تداعيتها القوية على المواطنين.
من جهتها سبق لجمعية “أطاك المغرب” أن بعثت بتحذيرات متواصلة من تفاقم المديونية بالمغرب وتدهور الوضع المعيشي ، في مقابل استمرار نهب ثروات البلاد وتفشي الفساد.
وقالت الجمعية إن السلطة استغلت جائحة كورونا كذريعة لتوطيد الاستبداد السياسي والسياسات النيوليبرالية، فدخل المغرب دوامة ديون جديدة بإلغاء سقف الاقتراض من الخارج، حيث تضاعف حجم الدين العمومي الإجمالي مقارنة مع سنة 2011 وبلغ ما نسبته 96% من الناتج الداخلي الخام سنة 2020.
و نبهت الجمعية لكون النموذج التنموي الجديد يرتكز على توسيع سبل تركز الثروة في أيدي أٌقلية رأسمالية محلية، تتشارك مع شركات متعددة الجنسيات حصص الاستحواذ على الأراضي والمياه والثروات البحرية والمنجمية والخدمات العمومية وغيرها من المجالات، وتشكل طبيعة الحكم الاستبدادية سندا رئيسيا لهذا التراكم الرأسمالي الكبير الذي لم تعد تستوعبه السوق المحلية، فبدأ بالتغلغل في بلدان القارة الافريقية.
على صعيد آخر قالت الجمعية أن مخطط المغرب الأخضر استنزف طيلة عشر سنوات ميزانية هائلة لتدعيم كبار المصدرين في قطاع الفلاحة، في حين ازدادت فيه واردات الحبوب والقطاني والنباتات الزيتية والسكر، مشيرة لوجود خصاص في الحليب ومشتقاته سيغطى أيضا بالاستيراد.
وسجلت الجمعية تفاقم تدهور القدرة الشرائية موازاة مع تراجع الدخل وضعف الأجور، واحتداد مديونية الأسر الشعبية التي تخنقها بشكل خاص مؤسسات القروض الصغرى، المُراكِمَة، هي أيضا، لأرباح كبيرة من جيوب الفقراء.
كما أكدت أن قطاع الصيد البحري تعرض بدوره لاستنزاف كبير، باستحواذ أقلية على الثروات السمكية لتصديرها، حيث قامت الدولة بحذف كامل لدعم مواد الطاقة (البنزين والديزل وزيت الوقود) أواخر سنة 2015.