علمت نيشان من مصادر مطلعة، أن مجموعة من أساتذة اللغة الأمازيغية في مؤسسات تعليمية متعددة قد تلقوا استفسارات رسمية من إدارات مدارسهم، وذلك إثر رفضهم تدريس مواد خارج تخصصهم. وبرزت هذه الاستفسارات بعد أن أُجبر هؤلاء الأساتذة على تدريس مواد غير مرتبطة باللغة الأمازيغية، وهو ما اعتبره متخصصون في الشأن التعليمي “إجحافًا” و بمثابة “جريمة تربوية” تُعيق جهود تعميم تدريس الأمازيغية في النظام التعليمي المغربي.
وأكدت المصادر أن العديد من أساتذة اللغة الأمازيغية الذين توصلوا بهذه الاستفسارات يعانون من ضغط غير مبرر، خاصة في “مدارس الريادة”، حيث يتم استخدام عدم إدراج الأمازيغية في مقاربة “طارل” كذريعة لتهميش تدريسها.
كما أوضحت نفس المصادر أن مدرسي الأمازيغية يعانون من ضغط العمل، إذ يُطلب منهم تغطية عدة مدارس والعمل لساعات إضافية تفوق العدد القانوني، والتنسيق مع زملاء آخرين دون أي دعم يذكر من الوزارة، في ظل غياب واضح للتخطيط الإداري.
وأثارت هذه الاستفسارات استنكارًا شديدًا بين الأساتذة والمهتمين بتدريس اللغة الأمازيغية، وسط تجاهل حكومي واضح لهذه المشاكل.
في هذا السياق، طرح النائب البرلماني إدريس السنتيسي، عن الفريق الحركي، سؤالًا شفوياً انتقد فيه هذا التوجه، مؤكدًا أن إجبار أساتذة الأمازيغية على تدريس تخصصات أخرى يمثل عائقًا كبيرًا أمام تعميم هذه اللغة.
وتساءل السنتيسي عن سبب التلكؤ في تنفيذ التزامات الحكومة في هذا المجال، خاصة في ظل التنصيص الدستوري على الأمازيغية كلغة رسمية، والقانون التنظيمي الذي يفرض تعميم تدريسها. ويواجه مشروع تعميم تدريس اللغة الأمازيغية عراقيل تتعلق بنقص الموارد البشرية، وتجاهل إدارات المدارس لأهمية تدريسها.
من جانبها، وجهت النائبة البرلمانية نزهة أباكريم انتقادات حادة لما وصفته بـ”الازدواجية” في التعامل مع تدريس الأمازيغية بين التعليم العمومي والخصوصي. وأشارت إلى أن المذكرة الوزارية 24-200 لا تفرض إلزامية تدريس الأمازيغية في التعليم الخصوصي، بل جعلتها اختيارية، وهو ما اعتبرته تناقضًا مع القانون الإطار 51.17 الذي ينص على ضرورة تعميم تدريس هذه اللغة في مختلف المؤسسات التعليمية.
وفي هذا الصدد، كشفت مصادر مطلعة لـ “نيشان” في وقت سابق أن وزارة التربية الوطنية واجهت صعوبات في إقناع مؤسسات التعليم الخصوصي بتفعيل تدريس اللغة الأمازيغية.
وأوضحت أن عددًا محدودًا من المؤسسات الخصوصية أبدى استعداده لتدريس الأمازيغية، بينما تفضل الأغلبية التركيز على مواد أخرى مثل التكنولوجيا والبرمجة. كما أضافت المصادر أن الخصاص في أطر تدريس الأمازيغية، إلى جانب نقص المناهج الدراسية المتاحة وغياب كتب تدريس اللغة الأمازيغية في أغلب المكتبات، ساهم في تردد المؤسسات الخصوصية في الانخراط في هذا المشروع.
وفي ظل هذه الأوضاع، تتزايد التحذيرات من تعثر مشروع تعميم تدريس الأمازيغية، مما قد يؤدي إلى إقصاء تدريجي للغة من النظام التعليمي، ويشكل تهديدًا لجهود دمج الأمازيغية كلغة رسمية في المؤسسات التعليمية بحلول عام 2030.
ويُذكر أن تدريس اللغة الأمازيغية بدأ في المغرب سنة 2003، ومع ذلك، لم يثمر هذا المشروع بعد عن جيل يتمكن من استخدامها في التواصل اليومي والإعلام، مما يعكس الفجوة الكبيرة بين السياسات المعلنة والواقع التعليمي الفعلي.