عادت أسعار الطماطم إلى الارتفاع مجددًا في الأسواق الوطنية، مما أثار القلق لدى المستهلكين وتجار التقسيط على حد سواء، بعد أن شهدت تراجعًا في الأشهر الأخيرة نتيجة لموجات فائضة من الإنتاج. هذه التغيرات المفاجئة في الأسعار جعلت العديد من المتدخلين في القطاع الفلاحي يعبرون عن استيائهم من التقلبات التي أصبحت تؤثر بشكل كبير على استقرار السوق.
وجاء الارتفاع الأخير في أسعار الطماطم بعد فترة من انخفاض حاد، حيث كانت الأسعار قد انخفضت إلى مستويات غير مسبوقة في نهاية العام الماضي، إذ وصل سعر الكيلوغرام في أسواق الجملة إلى أقل من درهمين، وهو ما اعتبره العديد من المنتجين غير مجدٍ اقتصاديًا. وكان من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الهبوطي مع استمرار الإنتاج الوفير من الطماطم في تلك الفترة، لكن سرعان ما تغيرت الأمور في الأسابيع الأخيرة، مع قدوم موجة البرد، ليتجاوز سعر الكيلو الواحد 6 دراهم.
من جهتها، أكدت مصادر فلاحية أن هذا التقلب الحاد في الأسعار ما كان ليحدث لو كانت “حكومة عزيز أخنوش” قد وضعت استراتيجيات واضحة لدعم القطاع الفلاحي وتطوير تقنيات حديثة لمقاومة التغيرات المناخية. “لقد ظلت الحكومة تتغنى طوال السنوات الماضية بالاستراتيجيات الفلاحية مثل “المخطط الأخضر” و”الجيل الأخضر”، لكن الواقع اليوم يؤكد أن هذه الاستراتيجيات لا تفي بالغرض”، يقول محمد، أحد الفلاحين من منطقة سوس ماسة.
ويضيف المتحدث ذاته أن غياب الدعم الكافي للفلاحين في مجالات البحث العلمي والتقنيات الحديثة يجعلهم عرضة للضرر كلما تعرض المناخ لأي تغيرات غير متوقعة.
من جهته، يؤكد يوسف منون، الخبير في القطاع الفلاحي، أن وزارة الفلاحة والتنمية القروية تركز أكثر على تسويق المنتجات الفلاحية في الخارج، بينما يعاني الفلاح المغربي من نقص في الدعم الداخلي، سواء كان على مستوى التكوين أو الوسائل التقنية. “وعندما تحدث أزمة في الإنتاج، لا تجد الحكومة سوى التعلل بأسباب الطقس أو الأمراض، دون أن تتخذ خطوات فعلية لمساعدة الفلاحين على مواجهة هذه التحديات”، يقول منون.
ويعتبر منون أن دعم وزارة الفلاحة للفلاحين والمنتجين لا يزال محدودًا، وأنه ينبغي أن يكون هناك دعم أكثر تخصيصًا للمناطق التي تعاني من القسوة المناخية والأمراض، إضافة إلى تعزيز البحث العلمي الزراعي.
وتأتي هذه الانتقادات في وقت تشهد فيه الأسواق تقلبات شديدة، مما يطرح تساؤلات حول قدرة “وزارة أحمد البواري” على إدارة القطاع الفلاحي بشكل يتماشى مع المتطلبات الحديثة. “نحن نطالب الحكومة بفتح أبواب الحوار مع الفلاحين والمنتجين وإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة، لأن الفلاحين هم الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، وهم الذين يتحملون العبء الأكبر من هذه التقلبات المناخية والاقتصادية”، يقول عبد الرحمان أزرق، فلاح آخر من منطقة سوس.
ويبدو أن الحكومة تفتقر إلى آليات فعالة لمكافحة الأمراض الفلاحية التي تزداد مع التغيرات المناخية، وهو ما يضع وزارة الفلاحة أمام تحديات حقيقية. الفلاحون يتساءلون عن مآل الدعم الحكومي للمناطق التي تواجه تدهورًا في الإنتاج بسبب هذه الأمراض، والتي تؤثر بشكل مباشر على استقرار أسعار المنتجات في السوق.
“إذن، أين هي نتائج “المخطط الأخضر” الذي تم إطلاقه منذ سنوات؟ لماذا لا نرى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟ كيف يمكن للفلاح أن يواجه هذه التقلبات مع غياب الدعم الحقيقي؟”، تساءل محمد هرو، أحد الفلاحين في منطقة الشاوية. هذه التساؤلات، التي تتردد على لسان العديد من الفلاحين والمهتمين بالقطاع، تعكس الإحباط المتزايد لدى مكونات القطاع الفلاحي تجاه عدم فعالية التدخلات الحكومية في مواجهة الأزمات التي تضرب الفلاحين بشكل متكرر.
وبينما يطالب الفلاحون بتوفير استراتيجيات حقيقية لمواجهة الإكراهات المناخية، يبقى السؤال الأهم، هل ستتمكن “حكومة أخنوش” من اتخاذ خطوات حقيقية لدعم هذا القطاع الحيوي في مواجهة أزمات مماثلة في المستقبل؟.