مع اقتراب الدخول المدرسي 2024-2025، عاد مجدداً جدل ارتفاع أسعار الكتب المدرسية المستوردة إلى السطح، ليثير استياء واسعاً بين الأسر المغربية، حيث تزايدت الشكاوى من الغلاء المبالغ فيه لهذه الكتب، في وقت لا توجد فيه أي جهة مسؤولة عن تنظيم تسعير المقررات الدراسية القادمة من الخارج.
ويؤكد مهنيون في القطاع أن التسعير يتضاعف بين سوق الجملة وسوق التقسيط، ويعزون ذلك إلى تصرفات بعض أصحاب المكتبات الخاصة ومتاجر البيع بالتقسيط. هؤلاء يستغلون غياب التسعير المعلن على أغلفة الكتب لفرض أسعار مرتفعة حسب رغبتهم، دون أي رقابة فعلية من الجهات المختصة.
وفي بعض الحالات، يصل سعر الكتاب المدرسي إلى 500 درهم، وهو مبلغ كبير في ظل الأوضاع المالية الصعبة للعديد من الأسر. هذا الاستغلال لجهل المستهلكين بالأسعار الحقيقية يضيف عبئاً إضافياً على كاهل الأسر، ويزيد من تعقيد عملية شراء الكتب المدرسية.
في ظل هذا الوضع، أصبحت ظاهرة الارتفاع المبالغ فيه لأسعار الكتب المدرسية الفرنسية أكثر وضوحاً، كما يؤكد عبد الله البوزيدي، مسؤول في جمعية للكتبين في مدينة مراكش.
ويشرح البوزيدي في حديث مع “نيشان” أن المستوردين المغاربة، الذين يلعبون دور الوسيط بين الناشرين اللبنانيين والفرنسيين أو البريطانيين “يسيطرون على كل ما يخص الكتب الفرنسية في المغرب، ويحددون أسعارها دون أي رقابة من أي جهة حكومية”. وهذا يؤدي إلى تضاعف تكلفة الكتاب المدرسي الفرنسي في السوق المغربية مقارنة بنظيرتها في فرنسا.
المتحدث ذاته، أكد أن المستوردين يستفيدون من “هامش ربح كبير” يترواح ما بين 50% و 53 % من الناشر الفرنسي على سعر الكتاب باليورو. بالإضافة إلى ذلك، يُضاف هامش 5.5% كضريبة قيمة مضافة، نظراً لأن الكتاب معفى من ضريبة القيمة المضافة في المغرب. كما يستفيدون أيضاً من دعم “تكاليف الشحن” من وزارة الثقافة الفرنسية.
المسؤول ذاته، أكد بشكل قاطع بأنه ” لا توجد تكاليف كبيرة على المستورد المغربي، لكنه رغم ذلك يصر على تحديد أثمنة مرتفعة مقارنةً باليورو، حيث يضرب كل يورو بمعدل يتراوح بين 12.5 و14 درهماً، مشيرا الى أن غياب إطار قانوني في المغرب ينظم هذه العملية يشجع الاستمرار في هذا النهج”.
من جهة أخرى، أكد “نور الدين أبها” من الهيئة الوطنية لحماية المستهلك والبيئة، أن من بين العوامل الأخرى، التي تساهم في ارتفاع أسعار “كتب التعليم الخصوصي” هو بيع هاته الكتب المدرسية المعتمدة من طرف المدارس نفسها. “بعض المستوردين يتجاوزون المكتبات ويدخلون في مفاوضات مباشرة مع المدارس الخاصة لتسويق كتبهم”، مشيرا الى ان بعض هاته المدارس “لا تُفرج عن قوائم الكتب المعتمدة خلال شهر يونيو كما هو معتاد، بل تعمد الى تأخير ذلك الى غايبة سبتمبر، لكي تجبر الأسر على شراء الكتب من المدرسة وبأسعار غير عادية”. ويشير “أبها” إلى أن هذه الممارسة محظورة بموجب القانون 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي.
من ناحية أخرى، دعا الفاعل الجمعوي والحقوقي ذاته، إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية لتحديد تسعير الكتب المدرسية بشكل منصف ومنظم، واتخاذ اجراءات فورية لحماية حقوق المستهلكين المغاربة وضمان عدم استغلالهم في هذا القطاع.