أثار تعيين لحسن السعدي، البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس لجنة المالية بمجلس النواب، كاتب دولة لدى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مكلفا بقطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، موجة من الجدل، خاصة أن السعدي معروف بولائه الكبير لعزيز أخنوش. ولطالما أطلقَ عليه منتقدوه لقب “ولد أخنوش” بسبب دفاعه المستميت عن رئيس الحكومة، مما يجعل من تعيينه في الحكومة الجديدة، وفق البعض، خطوة تُفسّر كمكافأة على هذا الولاء المستمر.
من معلم بسيط إلى كاتب دولة
السعدي، الذي بدأ مسيرته المهنية كمعلم في السلك الإبتدائي، سرعان ما تحول إلى أحد الأسماء المعروفة في المشهد السياسي المغربي. بعد توليه رئاسة أحد المهرجانات الكبرى في تارودانت، نجح في نسج علاقات وثيقة مع جمعيات المجتمع المدني، ما مكّنه من بناء قاعدة انتخابية قوية ساهمت في تحقيقه نتائج باهرة خلال الانتخابات التشريعية.
في 8 شتنبر 2021، تمكن السعدي من حصد أكثر من 56 ألف صوت في دائرة تارودانت الشمالية، متفوقا على أسماء بارزة مثل عبد اللطيف وهبي، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة ووزير العدل الحالي.
فوز السعدي لم يكن مجرد انتصار انتخابي، بل عزز مكانته في صفوف التجمع الوطني للأحرار، وكرس دوره كأحد أبرز عناصر التعبئة الانتخابية التي يعتمد عليها أخنوش.
التعلق بنموذج أخنوش
يؤكد المقربون من السعدي، بأنه مفتون الى حد “المغالاة” بالنموذج “الأخنوشي”.. لم يخجل السعدي في التعبير عن هذا الافتتان؛ وفي كل مرة تتاح له الفرصة، كان يتحدث بصوت عالٍ عن دور أخنوش وانجازاته، بل حتى عندما انتشرت صورة اخنوش وهو يكابد صعوبة في أداء الصلاة، انبرى السعدي امام الميكروفونات ليدافع ويؤكد أن ما كابده أخنوش، سببه “ألم في ركبته” جراء السنوات التي أمضاها في صعود الجبال والقرى النائية عندما كان وزيرا للفلاحة – على حد زعمه”. إحدى أبرز وأغرب تصريحاته أيضا، هو أن أخنوش كان له دور كبير ورئيسي في توفير الطماطم للمغاربة.
رقصة “الفيبرور” المثيرة للجدل
أثار لحسن السعدي قبل حوالي شهر واحد من تعيينه في الحكومة، موجة من الانتقادات الحادة بعد ظهوره خلال فعاليات الجامعة الصيفية لفدرالية الشبيبة التجمعية التي يترأسها، وهو يؤدي رقصة وصفها البعض بـ “رقصة الفيبرور”. هذه الرقصة التي أداها السعدي بحماس منقطع النظير، جاءت في وقت حساس، حيث كانت منطقة طاطا تعاني من فيضانات مدمرة أودت بحياة ما يقارب 19 شخصًا، مخلفة وراءها حالة من الحزن والأسى بين عائلات الضحايا. اعتبر العديد أن تصرف السعدي كان غير لائق ويعكس عدم احترامه للحداد الذي كانت تعيشه تلك الأسر.
الرقصة، التي بدت مستفزة للكثيرين، زادت من حجم الانتقادات الموجهة إليه، خصوصا في سياق اتهامه بأنه يركز أكثر على الظهور الإعلامي والدفاع عن أخنوش بدلا من تحمل المسؤولية السياسية والإنسانية المطلوبة في مثل هذه المواقف. بل الأكثر من ذلك، هو أن تلك الجامعة الصيفية كانت منظمة تحت شعار “شباب ديمقراطي اجتماعي يساهم في تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية”.
بين المسار الأكاديمي والسياسة
رغم مستواه التعليمي الذي يشمل الحصول على دبلوم ماستر في “الحكامة الترابية والتنمية الجهوية” من الجامعة الدولية لأكادير، والتي تناولت أطروحته فيها موضوع “السياسات المائية بالمغرب ومتطلبات الاستدامة”، يُصرّ البعض أن تعيين لحسن السعدي ككاتب دولة في حكومة أخنوش الثانية وعمر لم يتجاوز 34 سنة، لم يأت نتاجا للكفاءة بقدر ما هو “مكافأة” من عزيز أخنوش لأحد أكبر الموالين له.
السعدي، الذي يُعرف بدفاعه المستميت عن أخنوش، وصل ايضا إلى منصب كاتب دولة مكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في وقت حساس، حيث يواجه قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي أزمات كبيرة. شغيلة غرف الصناعة التقليدية ما فتأت تحتج من أشهر طويلة، رفضا لتعاطي الوزارة الوصية مع مطالبها في مراجعة النظام الأساسي لموظفي غرف الصناعة التقليدية، وهيكلة إدارية «محفزة وزيادة عامة في الأجور».
في مقابل دلك يرى المتفائلون، أن السعدي، المعروف بحيويته ومثابرته، قد يكون قادرا على دفع القطاع نحو تحقيق نتائج ملموسة، خصوصا أن لديه خلفية قوية في العمل الاجتماعي والجمعوي، والقرب من عالم التعاونيات التضامنية والصناع التقلديين.
هكذا يبقى تعيين لحسن السعدي في الحكومة الجديدة موضع جدل، بين من يعتبره استمرارية لمنطق الولاء السياسي في التعيينات الحكومية، ومن يرى فيه شابا طموحا قادرا على إحداث تغيير في قطاع حساس. الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى قدرته على تقديم إضافة حقيقية.