أكد الملك محمد السادس هذا الأمر في تهنئته لدونالد ترامب يوم 6 نونبر بعد فوزه في الانتخابات. وقال الملك في بلاغ نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء: “هذا الحدث المميز، الذي سيظل الشعب المغربي ممتنًا له إلى الأبد، شكّل محطة وموقفًا حاسمًا يعكس العمق الحقيقي لعلاقتنا الخاصة والممتدة لقرون، بما يفتح آفاقًا لشراكة أكبر وأكثر استراتيجية”.
وأضاف: “بينما نواجه تحديات إقليمية وعالمية تزداد تعقيدًا، سيكون المغرب أكثر من أي وقت مضى صديقًا حقيقيًا وحليفًا وفيًا للولايات المتحدة”، مؤكدًا عزمه العمل مع ترامب “لتعزيز مصالحنا المشتركة بشكل أكبر وترسيخ تحالفنا الفريد على جميع مستويات التعاون”.
في عام 2020، منح الملك محمد السادس ترامب الوسام العلوي، وهو الوسام الأرفع في المغرب والمخصص عادة لرؤساء الدول، تقديرًا لدعمه للوحدة الترابية للمغرب. وقد قامت السفيرة المغربية للا جمالة العلوي بتسليم الوسام نيابة عن الملك في حفل خاص.
كما حصل على الوسام كل من جاريد كوشنر، مستشار وصهر ترامب، وأفي بيركوفيتز، مبعوث الرئيس للشرق الأوسط، لدورهما في اتفاقيات أبراهام.
يُعد يوم 10 دجنبر 2020 يومًا تاريخيًا في المغرب. ففي ذلك اليوم، أعلن دونالد ترامب، الرئيس المنتهية ولايته للولايات المتحدة آنذاك، عبر حسابه على تويتر، أنه وقع مرسومًا رئاسيًا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء.
وجاء في تغريدة ترامب: “إن مقترح الحكم الذاتي الجاد والموثوق والواقعي الذي قدمه المغرب هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم يحقق السلام والازدهار الدائمين!”.
منذ ذلك الحين، بدأت الرباط بالتواصل مع دول غربية أخرى للسير في نفس الاتجاه، كما حدث مع إسبانيا وألمانيا في عام 2022، وفرنسا في عام 2024، بالإضافة إلى دول أخرى لم تُعلن عنها صراحة مثل إيطاليا والبرتغال، رغم أن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أبرم اتفاقيات معهما في عام 2020.
وفي هذا السياق، صرح الوزير البريطاني السابق ديريك كونواي لوكالة المغرب العربي للأنباء أن “القرار الأمريكي ساهم في تشجيع دول كبرى أخرى على السير في نفس الاتجاه، بما في ذلك المملكة المتحدة”.
كما أعلن أن “بريطانيا ستفتح قريبًا قنصلية في الداخلة”، مشيرًا إلى أن “فرنسا تسير في نفس الاتجاه، بالإضافة إلى عدة دول قوية سياسيًا واقتصاديًا”.
السكرتير الجديد لوزارة الخارجية الأمريكية أدلى بتصريحات حول المغرب في 15 يناير، خلال جلسة تنصيبه في مجلس الشيوخ، وأشار إلى أن التعاون مع المغرب يشهد “تطورًا كبيرًا” ويواصل البناء على ذلك.
ردًا على سؤال من السيناتور الديمقراطي كوري بوكر حول الالتزام الدبلوماسي للولايات المتحدة في إفريقيا في مواجهة التنافس المتزايد مع الصين وروسيا، أشار ماركو روبيو إلى المغرب باعتباره “نموذجًا إيجابيًا”، حيث تم تحقيق تقدم كبير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار تعزيز العلاقات الثنائية.
وقال: “التزاماتنا الحالية تظهر ذلك ليس فقط في مكافحة الإرهاب، بل أيضًا في التقدم الاقتصادي. أنظر إلى المغرب، كموقع آخر شهدنا فيه تحسينات كبيرة بفضل اتفاقيات أبراهام، وأيضًا من خلال هذه العلاقة التي تواصل التطور”.
في المغرب، تقول صحيفة “إل إسبانيول”، يُعرف السكرتير الجديد لوزارة الخارجية باسم “العدو الأول للنظام الجزائري”، وفق توصيفها، بسبب مطالبته لوزارة الخارجية الأمريكية بفرض عقوبات على الحكومة الجزائرية بسبب شراء الأسلحة الروسية في الوقت الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا.
في رسالة أرسلها في 14 شتنبر 2022 إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أشار إلى الجزائر باعتبارها “واحدة من أكبر المشترين العالميين للمعدات العسكرية الروسية”.
كان السفير الأمريكي في الرباط آنذاك، ديفيد فيشر، أول دبلوماسي أمريكي يزور مدينة الداخلة في 10 يناير 2021، بعد شهر من التغريدة الشهيرة لترامب، ولاحقًا، أشاد فيشر باعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء في يونيو 2023.
ومنذ مغادرته الرباط مع انتهاء ولاية ترامب، لم يتوقف ديفيد فيشر عن الدفاع عن الاستثمارات الأمريكية في الصحراء، معارضًا سياسة إدارة بايدن.
وقال فيشر: “كان شرفًا لي أن أكون سفيرًا في المملكة المغربية قبل أربع سنوات خلال ولاية الرئيس ترامب (…) عندما أفكر في وقتنا في المغرب، أبتسم لأنني أعلم أن المستقبل الآن أكثر إشراقًا، حيث سيعزز بلدانا مرة أخرى روابطهما، ويعززان التجارة، ويعملان معًا”.
يحافظ فيشر على علاقة وثيقة مع الرباط، ومن المعروف أن نيته العودة إلى المغرب قائمة، خصوصًا بعد استقالة السفير بونيت تالوار، الذي تم تعيينه في الرباط منذ 2022، قبل تولي ترامب السلطة.
في ظل استمرار الصين في تعزيز مواقعها في القارة الإفريقية، تستعد الإدارة الأمريكية لإعادة هيكلة شبكتها الدبلوماسية. وفي المغرب، حيث يتزايد النفوذ الصيني، يبدو أنه سيكون أحد أكبر المستفيدين من هذه الهيكلة، وفقًا لموقع “أفريكا إنتليجنس” المختص في الشؤون السياسية والاقتصادية لإفريقيا.
قد تستغرق هذه العملية عدة أشهر، لأن تعيين سفير جديد في الرباط يتطلب عدة مراحل، بما في ذلك التأكيد من مجلس الشيوخ الأمريكي وتقديم أوراق الاعتماد للملك محمد السادس.
(عن صحيفة “إل إسبانيول” بتصرف)