في العشرين من دجنبر الماضي، فككت الشرطة الوطنية الإسبانية ما اعتُبر أكبر وكر لبيع الحشيش في شارع “بوهونال” في مدريد.
كان يديره أحد أفراد عائلة “خيمينيز”، وهي عائلة إسبانية قادمة من “كانيادا ريال”. «نعم، هناك كان!» يصيحون من الطرف الآخر للساحة.
القلة القليلة من الأشخاص الذين صادفهم صحفي “ABC” رفضوا الإدلاء برأيهم حول وضع الحي. «لا يتحدثون مع الصحفيين، يخشون أن يكونوا مراقبين».
نهاراً، يظهر الحي اليوم هادئا. زوج من الجيران، أم وابنتها، يعترفان بأن أمن المنطقة قد تدهور بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية: «نخرج من المنزل ونحن نشعر بالخوف».
«إنه لأمر مؤسف لأن “إنتريفياس” هو حي عمالي، يسكنه أناس كادحون ومتواضعون»، يعلقون بأسى. «كل شيء تغير بين ليلة وضحاها. لم يعد بالإمكان السير بهدوء أو حتى التحدث»، يقول أحد السكان الآخرين.
يؤكد السكان أن حملات الشرطة في “ميستانزا” أصبحت «روتيناً يومياً». «لا يمكننا إنكار بأن الحي أصبح خطيراً. فالحقيقة هي أن المنطقة تدهورت كثيراً في السنوات الأخيرة. خاصة منذ أن قامت شركة “إيفيما” ببناء هذه المنازل الصغيرة»، يقولون مشيرين إلى المنازل الصغيرة التي بُنيت في الستينيات والسبعينيات، والتي يمكن رؤيتها على بُعد أمتار قليلة من موقع الحديث.
لقد كنت شاهداً على عملية سرقة في إحدى متاجر المواد الغذائية الموجودة في هذه الأزقة بين “ميستانزا” و”بوهونال”، وكان صاحب المتجر داخل المحل»، يقول ألبيرتو. «وفي يوم آخر، هنا تحديداً، قاموا بكسر زجاج سيارة رجل كان قد أوقفها للتو بهدف السرقة»، يضيف أدولفو.
في شتنبر 2012، توفي خوسيه لويس ج.ر.، المعروف باسم “إل بالو”، البالغ من العمر 53 عاماً، في شارع “بوهونال” بعد تعرضه لطعنتين إثر شجار بسبب ما يُعتقد أنه تصفية حسابات. كان لديه سجل إجرامي بسبب تورطه في تجارة المخدرات.
آنذاك، شكا السكان من انعدام الأمان بسبب بيع وشراء المخدرات، وكانوا يشيرون إلى المنطقة باعتبارها نقطة تجمع «لأسوأ العناصر من كل مكان».
وفي عام 2019، تسبب حريق في العقار رقم 101 في شارع “روندا سور” في وفاة ميغيل أ.، صاحب المنزل، الذي كان يعيش فيه مع ثلاثة أشخاص آخرين قام بتأجيرهم الغرف. «لا نعرف ما الذي حدث. ربما لأنهم كانوا مدمنين على المخدرات…» هكذا صرحت عدة جارات آنذاك لذات الصحيفة.
ألبيرتو وأدولفو يعبران عن أسفهما لرؤية عدد أقل من الوجوه المألوفة، ويشيرون إلى أن المشكلة الأكبر التي يعاني منها الحي هي النسبة العالية من المنازل المحتلة بشكل غير قانوني. «لم يتبقَ منا سوى أربعة أو خمسة. نحمي بعضنا البعض».
ويؤكد مانويل مارتينيز، رئيس جمعية سكان “لا فينيا” في حي “إنتريفياس”، أن الوضع تفاقم بسبب «إعادة التوطين التي تمت بشكل سيئ خلال التخطيط في الماضي»: «قبل عدة سنوات، قاموا بتركيز نسبة عالية من السكان من أصل غجري في منطقة “بوهونال-موديلا”. نحن نتحدث، على الأرجح، عن حوالي 600 إلى 700 شخص، أي نحو 200 عائلة.
آنذاك اقترحنا كجمعيات سكان أن يتم توزيعهم بشكل أكثر تناسباً. هم في النهاية أشخاص لديهم عادات راسخة ويفهمون الأماكن العامة كأنها ملك لهم. وكما كان متوقعاً، هناك فئات لم تتأقلم مع الوضع.
يشير مارتينيز إلى أن «التساهل مع ظاهرة احتلال المنازل له تأثير جذب»، ويؤكد أن «أي احتلال، مهما كانت أسبابه، هو أمر غير قانوني»: «نعتقد أن السياسة التي تم اتباعها فيما يتعلق بالاندماج كانت سياسة فاشلة، لا يمكن الاستمرار بها ويجب مراجعتها، ليس لسحب الحقوق، بل لمنحها لمن يحتاجها حقاً».
يعود ذلك إلى أن الحي أصبح مكاناً يجمع أشخاصاً في حالة انعزال اجتماعي، حيث وجدوا في تجارة المخدرات وسيلة سهلة للحصول على المال. ومع ذلك، يرفض مارتينيز التركيز فقط على «المدمن الذي يتاجر بالمخدرات»، قائلاً: «نعم، هناك تجارة مخدرات في إنتريفياس. ولكن، من الذي يشتري؟ هنا نرى سيارات فاخرة تمر».
ويشير إلى أن مناطق مثل موديلا، ميخورانا، وكوندي رودريغيز سان بيدرو –وهي الجزء القديم من إنتريفياس– تشهد مستويات عالية من تجارة المخدرات، ويؤكد أن الوضع في الحي «بدأ يشبه قليلاً ما كان يحدث في الثمانينيات».
وتصر الجمعية على أن الحل المناسب، والذي تطالب به منذ فترة طويلة، هو الرفع من درجة التواجد الأمني، ليس عن طريق «وضع شرطي عند كل زاوية»، ولكن من خلال تدخل الشرطة البلدية لتطبيق القوانين المحلية. ويضيف: «لم نحضر اجتماعات الشرطة البلدية منذ نحو عام.
نحن متعبون من سماع نفس القصص دون معالجة المشاكل الحقيقية للسكان، مثل عدم قدرتهم على ترك سياراتهم بأمان أو التجول بحرية في الحدائق. المشكلة تكمن في طريقة إدارة الأماكن العامة وفي غياب المحاسبة».
وتؤكد كل من الجمعية وسكان المنطقة المحيطة بشارع بوهونال أنهم تعرضوا للتهديد في بعض الأحيان، وأنهم غالباً ما يفضلون السير في شوارع أخرى لتجنب المرور بجانب هؤلاء الأشخاص الذين تم إعادة توطينهم: «هناك تهديدات من جميع الأنواع. نحن مضطرون للتعامل مع هذا النوع من الحوادث بشكل متكرر».
في حي بوينتي دي باييكساس، على سبيل المثال، عُثر على أصفاد ملقاة على الأرض في حديقة، مما يعكس الوضع العام.
بينما تمشي آنا وبورخا في شارع موديلا، يقول الشاب البالغ من العمر 30 عاماً إنه لا يعتبر إنتريفياس حياً خطيراً، «بل بالأحرى مهملاً». ويعترف بأنه نشأ في هذا الحي وربما اعتاد على بعض الأحداث. ومع ذلك، يرى أن المنطقة وصمت بشكل كبير: «هناك أشخاص لا يزالون يربطونها بمنطقة لا سيلسا (إحدى النقاط الرئيسية لبيع المخدرات في مدريد خلال تسعينيات القرن الماضي)».
ويضيف أن المسلسل التلفزي “إنتريفياس” لم يساعد في تحسين صورة الحي، بل على العكس: «لا شيء مما يظهر في المسلسل يتطابق مع الواقع، بل يعكس صورة الحي وكأنه مليء بالمافيات والدعارة».
(عن صحيفة “ABC”)